يثبت السوريون داخل سورية وخارجها أنَّ الحرية صارت جزءًا من كيانهم، وأنَّ طريق العودة عنها قد تكفلت الحرب في تدميره بشكل مريع بحيث يستحيل الرجوع أو التراجع إليه.
أمس تجمع السوريون بالآلاف في كل مكان وجدوا فيه ليقولوا كلمتهم الفصل، وليعيدوا الصرخة الأولى على مسامع العالم “حريـــــة”، مهما كانت الأثمان باهظة، فحياة العبودية والظلم والاستبداد لا تناسب الأنفس الحرة، والكفاح في سبيل الحرية هو غاية الحياة وأساس الوجود الذي أدركه السوريون بدمائهم قبل أن تدركه أرواحهم وعقولهم.
إنَّنا نريد لهذا الوطن كاملاً أن يكون حرًّا، أن يتمتع أبناؤه بالعدالة والكرامة، أن يكون الإنسان فيه هو الغاية العظمى الذي نبني الوطن من أجله، وألّا يستعبد بعضنا رقاب بعض، وأن يُحاسب كلّ الذين أجرموا بحق هذا الشعب العظيم، مهما كان موقعهم أو اصطفافهم.
قد يكون الثمن كبيرًا في الطريق إلى هذا الحلم، لكنَّه مهما كان مؤلمًا فلن يكون أشد ألمًا من التراجع عنه، لقد أدركنا أنَّ ما نسعى إليه هو حقٌ خالص، ولا يتراجع عن الحق إلا الجبناء الأذلاء، علينا أن نخلق إصرارانا على حريتنا حتى عندما لا نقوى على ذلك، لأنَّ التراجع عن الحرية هو تراجع عن الحياة، وعندما لا نقوى على الحياة يجب أن نختار الموت بالطريقة التي تليق بنا كأحرار تذكُرهم الأرض ولا يطويهم ترابها، الموت حقٌ، لن نعيش طويلاً، لا نحن ولا الطغاة، ولكنَّنا سنموت كما نشتهي، وفي سبيل ما نؤمن به، وسنصل..
لم نفقد بوصلة الأهداف بعد، لقد كان طريقنا واضحًا وما زال كذلك، نحن لا نقاوم من أجل أن نعيش، إنَّما نقاوم من أجل أن تصبح الحياة شيئًا يستحق أن يُعاش.
لم تتغير الأهداف، لم تتغير العزائم، لن ننسى نحن ما قطعناه من العهود، ولن تخور الهمم، إيّاكم واليأس. فكلما ضاقت جاء الفرج للمؤمنين العاملين الذين لا يقنطون، حتى يرضى الله، ويُستعاد الوطن.
الحرية لا تقبل أي اجتزاء .. وكذلك حلمنا .. لا يقبل.
المدير العام | أحمد وديع العبسي