غسان الجمعة |
في سابقة سياسية غريبة، أقدم رئيس الائتلاف السوري مؤخرًا (نصر الحريري) على استبدال ممثل المجلس الوطني الكردي (حواس خليل) في الائتلاف بسبب موقفه السياسي من الميلِشيات الانفصالية في شرق الفرات، ولدوره فيما بات يعرف بجلسات الحوار (الكردي-الكردي) التي تتم برعاية أمريكية وسكوت تركي وترقب من قبل المحور الروسي؛ لأنها مفاوضات تعدُّ مفصلية في رسم السياسة المستقبلية لشرق الفرات وسورية عمومًا.
ورغم أن الموقف جاء متعلقًا بشخص ممثل المجلس الوطني الكردي، إلا أن السيد (الحريري) أعقبه بتغريدة تنطوي على (لمز) قَصد فيه أعضاء وسياسة المجلس الكردي ككل، وهو أحد مكونات أعضاء الائتلاف السوري، حيث قال: ” الاتفاقيات مع الميلِشيات الإرهابية الانفصالية تجعل مبرميها في صف تلك الميلِشيات، وتشكل خطرًا على وحدة سورية ومسار الحل السياسي فيها.”
وبهذه التغريدة وضع (الحريري) نفسه والائتلاف الذي يمثل رئاسته في موقف محرج أمام تخيير المجلس الكردي بأن يكون مع بقية الجمهور المتابع لجلساته المكوكية المُغرِّدة خارج السرب، وبين أن يكون جزءًا من حركة إرهابية!
وبعض النظر عن شرعية التفاوض من عدمه مع الهيئة السياسية للميلشيات الكردية الانفصالية، إلا أن نهجًا ديكتاتوريًا بدأ ينمو منذ نجاح عملية تبادل الكراسي بين هيئة التفاوض والائتلاف على الطريقة (البوتينية)، وبدأ يثمر اليوم بتصرفات غير محسوبة وغير مدروسة وبعيدة عن ماهية الائتلاف، التي من المفترض أن يسبق الحوار وتقديم المصلحة السورية العليا قراراته، لكننا بتنا نرى قرابين المواقف التي بدأت تذبح أمام صنم التزلف وعلى بساط تمسيح الجوخ، وما قدمه (الحريري) من تبرير عبر تغريدته لا يغدو سوى جعجعة لا تقصر يومًا من عمر خيمة ولا تطفئ نار الحرقة في فؤاد مهجر.
السيد (نصر الحريري): حتى لا نكون عاطفيين فقط، ما الذي حققناه نحن السوريين من التلميح بإقصاء مكون سوري في منظومة سياسية جامعة لكل السوريين؟!
هل من طريقة أخرى غير سياسة التهديد والتهميش والإقصاء لديكم للحوار مع ممثل شرعي هو جزء منكم يحاول أن يضع قدمه وقدمكم في الثلث الأغنى من سورية في شرق الفرات؟!
ما النتيجة من عدم فتح قنوات اتصال غير مباشرة لوضع تصور أولي ينهي مأساة السوريين كون هذه الميلِشيات باتت بحماية تامة من قبل الدول التي تسوق لنا ليل نهار تعاطفها مع قضيتنا عبر اللقاءات الافتراضية ومدافعها منصوبة شرق الفرات وطائراتها تظلل هذه الميلِشيات؟!
المستفيد الأول من هذا القرار وانتهاج هذه السياسية هي ميلشيا (قسد) التي تحتج بمحاربتها، وقد تمكنت من تقديم خدمة لها بأن خلقت لهم ظرفًا يدينون ويستنكرون فيه على نظرائهم في المجلس الوطني، وذلك بغِلظتك وسوء تعاملك.
كما أن الروس والأسد أكثر ما يزعجهم هو هذه اللملمة للطاولة بعيدًا عن فلكهم؛ لأنها قد تضع حجر أساس لحل سياسي حقيقي بعيدًا عن تأثير الأسد، كما أن شرذمة البيت السياسي الذي ترأسه هو انتحار في وقت يجب علينا فيه عدم تفويت أي فرصة لصناعة تكتلات تصنع مواقف أقوى للمرحلة القادمة.