لم يكن اغتيال الناشطَين رائد الفارس وحمود الجنيد أمس في كفرنبل حادثة استثنائية، فقد سبقتها عدّة حوادث اغتيال في الفترة الأخيرة طالت ناشطين في مختلف المجالات وحتى أناس عاديين للإيهام أن حوادث الاغتيال هي مجرد مشكلات شخصية بين الضحية والقاتل، أو بدافع سرقة أو شيء من هذا القبيل.
بدأ عام 2018 بسلسلة اغتيالات ثم توقفت هذه الاغتيالات بعض الوقت لتكثر حالات الخطف وطلب الفدية والقتل لمن لم يدفع، ودائماً كان الاستهداف موجها لناشطين وأناس عاديين للتشويش حول الأسباب التي تدفع لارتكاب هذا النوع من الجرائم لكي يبقى الفاعل مستتراً خلف هذه الأسباب المتناقضة.
هذه الجرائم وعدم الكشف عن مرتكبيها أو التعامل مع من قُبض عليه منهم بمنطق التفاوض وعدم القصاص منه كما يتم مع غيره من الناس تثير أسئلة كثيرة حول تورط جهات أو أفراد ممَّن يؤكدون سيطرتهم على هذه المناطق في الجريمة، وسعيهم لتحويل مناطقهم إلى ثقب أسود لهذا النوع من المعلومات، مما يدفع بالناشطين إلى مغادرتها وينعكس سلباً على الخدمات المقدمة للناس.
إن تصفية الحسابات الشخصية أو إنهاء الخلافات بهذه الطريقة الإجرامية يجعلنا نعيد النظر مراراً لهذا الاستقرار المصطنع الذي نركن له، فالدور ربما يأتي على أي أحد دون وجود جهة تحاسِب أو تُحاسَب، إنه عودة لما قبل 2011 مع تغيير شكل الشعارات فقط.
لقد صرخ السوريون من أجل أن يوقفوا اغتيال كرامتهم وحريتهم واغتيال العدالة التي جعلتهم يعيشون حياة ملؤها الخوف من القتلة الذين يفعلون ما يشاؤون دون محاسبة، وعليهم أن يعرفوا أن واجبهم هو عدم السكوت تجاه هذا الاغتيال الذي يترصدهم جميعاً إذا لم يكونوا أغناماً وادعة تنتظر دورها على المذبح بصمت.
لا نجاة لنا على المدى القريب إذا استمرينا في الصمت، وربما ندخل دوامة جديدة من الاستبداد والخوف الكبير إذا لم نصر في كل وقت على معرفة المجرمين ومحاسبتهم.
المدير العام | أحمد وديع العبسي