غسان الجمعة |
يعيش السوريون في مناطق سيطرة النظام السوري ضغوطاً اقتصادية شملت مختلف نواحي الحياة المعيشية رغم محاولة النظام تمييع الواقع عبر بروباغندا الشعارات وتنفيذ الاحتفالات في ساحات النصر على المحتفلين، كما أن جعجعة رحى المصالح التي تدور على حساب الشعب السوري وعجز النظام عن التحكم بزمامها بدأ يَفرض عليهم الخروج عن مسلمات الثقة بالقيادة الحكيمة، فضجت الصفحات الموالية بالسؤال عن الحلفين الروسي والإيراني.
وممَّا لا شك فيه أن عملية الضغط الاقتصادي على النظام وحليفه الإيراني هي ضمن حلقة أوسع تشمل العقوبات التي فرضتها واشنطن على إيران وحلفائها في المنطقة بتخطيط إسرائيلي وتنفيذ أمريكي بدأه ترامب بتصنيف الحرس الثوري ضمن قوائم الإرهاب.
الصمت الذي يعتري الموقف الروسي من تدهور الأوضاع الاقتصادية يفسره التنسيق الإسرائيلي الروسي حول إخراج إيران من المعادلة السورية، كما أنه يحقق مصلحة جوهرية لموسكو بإزاحة أكبر منافسيها على اقتسام الثروة واغتصاب السلطة في سورية الأسد.
إيران تُدرك أن روسيا صديقة مصلحتها فقط، ومن الممكن أن ترفع عنها المظلة في أي لحظة، وهو ما بات أمراً واقعاً دون الكشف عنه بشكل رسمي؛ لذلك تحركت بالنظام السوري في زيارة قام بها جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني نحو أنقرة في خطوة فسرها ظريف بالسعي لوساطة بين أنقرة ودمشق.
إن هذه الخطوة الإيرانية التي لعب فيها رأس النظام السوري دور الكومبارس ماهي إلا رسالة إلى موسكو التي تريد تصفية اللاعبين على الساحة السورية، وإرضاءً للرغبة الغربية بإخراج إيران منها، وحتى من الممكن مستقبلاً قبولها بخطة لتنحي الأسد نفسه، ممَّا يعني القضاء على التمدد الإيراني في المنطقة كلياً.
تشابك العلاقة بين حليفي الأسد(إيران – روسيا) أظهر تعارضًا في ملفات وتوافقًا في أخرى فرض على موسكو أن تلعب دوراً ناعماً في الضغط على الايرانيين في سبيل إيجاد مسوغ وظرف يسمح بمطالبتها بالخروج من الأراضي السورية.
زيارة ظريف إلى تركيا خطوة إستراتيجية احتياطية تُمكن إيران من مناورة إضافية في المنطقة لكسب المزيد من الوقت في ملف العقوبات عليها والصراع في سورية، فالقواسم المشتركة بين أنقرة وطهران بدأت تفرض نفسها على المشهد الإقليمي بدءًا من شرق الفرات وصولاً إلى شمالي العراق نهاية بالمصالح التجارية ومشاريع الغاز التي بدأت طهران تُختنق به نتيجة تخمتها منه في ظل الحظر المفروض عليها بتصديره، وماتزال القليل من الدول تغرد خارج السرب الأمريكي ومنها تركيا في استيراده.
أما من زاوية النظر التركية، فإن إيران منافس إقليمي، وفي الوقت نفسه هي صمام أمان لمواجهة التطورات السريعة التي تشهدها القضية الفلسطينية والسياسات التي يسعي خلفها المحور السعودي – الإماراتي ضد أنقرة.
السؤال الأهم في هذا السيناريو: هل ستقف المعارضة السورية ضد عدوها اللدود في حال انحياز الموقف التركي لطهران في حال صعدت تل أبيب وواشنطن ضد إيران عسكرياً بمساعدة قسد؟ أم أن للسوريين كلمتهم أمام مصالحهم؟!