لن تستطيع وأنت تعمل في الإعلام تجاوز خطاب الجولاني وهو يعلن انفكاك النصرة عن القاعدة وتشكيل جبهة فتح الشام، ولابدّ من التأكيد على إيجابية هذا الطرح، وضرورة دعم هذه الإيجابية بخطوات عملية حقيقية نستطيع الدفاع عنها مستقبلاً أمام الرأي العام العالمي والسوري على أنّها حقيقة.
ليس صحيحاً أنّ هذا الانفكاك هو شكلي خالص كما روّج البعض، وليس صحيحاً بعد أنّه انفكاك حقيقي خالص كما روّج آخرون، لأنّ الانفكاك قد حمل في طياته كلا الوجهين وبُثَّ بطريقة ذكية وفي وقت عصيب عبر دقيقتين فعلياً ليأتي ملخصاً وموجزاً ومحدّداً بما لا يترك مجالاً لاجتهادات وتأويلات عديدة أمام المنظرين.
لن أخوض في القراءات المحتملة التي عبر عنها المنظرون، لأنّني أرى أنّه جاء واضحاً، لا يحتاج إلى إعادة شرح، وإنّما سأسرد تلك الخطوات العملية التي من الممكن استنتاجها، والتي ستعبر عن فاعلية هذا الانفكاك وانصهاره في الجسم السوري والجهاد الشامي الخالص كما جاء في البيان.
سيصدر عن هذا الانفكاك تعليمات جديدة ترسل إلى كافة المقاتلين على الأرض، والتي نتوقع أن تعبّر عن سورية الطرح الجديد، وزيادة مساحة المشاركة مع الجيش الحر والفصائل الإسلامية الأخرى، وتبني أهداف واضحة ومحدّدة بعيدة عن مساحات التأويل التي كانت تكتنفها الأهداف السابقة للتنظيم الراحل، والتي كان أولها وثيقة المبادئ العشرة التي طُرحت عقب الإعلان عن الانفكاك، والتي نرى أنّها تحتاج أن تكون أكثر وضوحاً وتحديداً .
التخلي عن اللثام والتخفّي أمر مهم جداً لأن هذه المرحلة تستدعي الوضوح في كل شيء من أجل إمكانية البناء المشترك، كما من المتوقع أن نرى إصلاحاً مباشراً وسريعاً للقضايا العالقة مع الفصيل الجديد وليس “التنظيم”، وعلى رأسها قضية معرة النعمان وأخواتها التي لاتزال دون أي حل مع مظاهرات مستمرة منذ أكثر من 100 يوم.
من المهم جداً في هذا الصدد العمل على كسر النخبوية التي كان يفرضها التنظيم الراحل وفتح قنوات الحوار مع الجميع في مناقشة المنهجية الجديدة التي تم طرحها للوصول إلى منهجية جامعة تكون الأولوية فيها للشأن السوري على اعتبار أن الفصيل الجديد لم يعد يتبع أي تنظيمات من خارج الحدود، وقد أسس على أولوية مصلحة أهل الشام.
تقبل الخلافات المنهجية والفصائلية جزء مهم آخر لتوفير مساحة الحوار المشترك، والتوقف عن قمع المخالفين في مناطق السيطرة على اعتبارها حدود ذات لون واحد، والسعي لتوحيد القضاء بالمشاركة، والعمل على إيجاد صيغة توحديّة عسكرية للجميع بما يتوافق عليه مختلف الأطراف، وليس الصهر والاندماج الخالص، الذي ربّما يزيد من حدة التوتر بين الفرقاء .
هذه بعض الأمور الضرورية التي يمكن استنتاجها ويجب العمل عليها كخطوات عملية لتعزيز الثقة في المرحلة اللاحقة بما يجعل هذه الخطوة الإيجابية بداية لنصر سوري جامع، يحقق أهداف الثورة السورية ومصلحة أهل الشام.
المدير العام / أحمد وديع العبسي