دعاء عبد الله |
لاقت تجارة الألبسة الأوربية البالية انتشاراً في واسعاً في الشمال السوري بسبب سوء الحالة المعيشية وعدم توفر فرص عمل لكثير من العائلات السورية، إضافة إلى أن البالة تُعد لباساً أساسياً، فقد غدت وقوداً عند معظم السوريين في ظل ارتفاع أسعار المازوت والحطب.
وتُعد الثياب البالية التي توضع مع الحطب من أكثر وسائل التدفئة شيوعاً في المناطق المحررة وذلك نظراً لوفرتها وانخفاض أسعارها قياساً بسعر المازوت الذي شهد ارتفاعاً كبيراً منذ بداية الشتاء.
ولُوحظ أن نسبة كبيرة من الأيدي العاملة في هذا المجال هي أيدي نسائية ترغب بالإنتاج والكسب المادي رغم بساطة المهنة وقلة أرباحها بالنسبة إلى العاملات في مجال بيع المفرق، حيث لا تستطيع النساء شراء كميات كبيرة نظراً لسوء حالتهنَّ المعيشية.
صحيفة حبر التقت مع عدد من النساء اللواتي تحدثنَ عن تجربتهنَّ في مجال العمل لا سيما بيع الألبسة الأوربية.
(أميرة محمد الحسن) تحدثت عن تجربتها في هذا المجال وهي أم لسبعة أطفال كانت عائلتها دون معيل بسبب عدم توفر عمل دائم ومربح لزوجها مما دفعهم للعمل في مجال بيع الألبسة المستعملة، تقول أميرة: “زوجي استدان في البداية مبلغاً لشراء كمية جيدة من الألبسة الأوربية، لكنه سرعان ما رد دينه من خلال الأرباح التي جنيتها، كما أن بيع الألبسة أصبح يمثل الدخل الأساسي للعائلة.”
أما (سعاد الرزة) فقد عملت بدايةً في بيع الألبسة الجديدة لكن تجارتها ما لبثت أن أصيبت بركود طويل أوقعها في ضائقة مادية، فكانت تجارة الألبسة الأوربية البديل الذي أعانها في تجاوز محنتها المادية الصعبة، كما أن البالة أصبحت الوقود الأساسي لأطفالها الذين تعيلهم وحيدةً بعد اعتقال زوجها من قبل نظام الأسد منذ أكثر من خمسة سنوات.
من جهة أخرى أكدت (سعاد) أن “الأرباح مقبولة لكن كمية البيع تقل بسبب ارتفاع ثمن بعض القطع بعد ارتفاع الدولار واقترابه من سقف 900 ليرة، كما أن الكميات التي لا تباع كلباس يتم بيعها كوقود للمدافئ بأسعار قليلة جداً قياساً بالسعر الذي أشتريها به.”
أما الشابة (منيرة) فقد رفضت الزواج لتعيل أمها بعد وفاة أبيها الذي كان موظفاً ولم يستطيعوا الحصول على راتبه الشهري بسبب خوفهم من حواجز نظام الأسد وارتفاع ثمن المواصلات؛ ولأنها فتاة لم تكمل دراستها، فبدأت العمل على مشروعها الخاص في بيع الألبسة الأوربية المستعملة لتغدو هذه المهنة بوابة الرزق الوحيدة لها ولأمها المريضة.
ويأتي انتشار هذه التجارة لسبب جوهري وهو فتج المعابر الحدودية وسهولة استيراد كميات كبيرة من الألبسة.
الجدير بالذكر أن المرأة السورية أثبتت قدرتها الكبيرة في مجالات مختلفة على رأسها التعليم والصحة والتجارة والصناعة رغم ظروف الحرب التي تمر بها سورية منذ 9 سنوات نتيجة استهداف النظام للمدنيين بشكل مباشر.