تتعدّد أسماء “البروفايل” في الكتابة الصحفية بالوطن العربي، فهناك من يطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى الكلمة الإنجليزية Profile، وهناك من يطلق عليه “البورتريه” نسبة إلى الكلمة الإنجليزية the portrait أو الفرنسية le portrait، وهناك من يطلق عليه بالعربية “تقرير عرض الشخصية”. وبشكل عام فإن هذا النوع الصحفي يقوم أساسًا على الكتابة عن شخص ما وإبراز مجموعة سماته وملامحه.
في هذا السياق، يتحدث الخبير الإعلامي المغربي عبد الوهاب الرامي في كتابه “الأجناس الصحفية: مفتاح الإعلام المهني”، أن تقرير عرض الشخصية أو “البورتريه” يُنجز لضرورات متعلقة بتأثير أشخاص معيّنين في الأحداث الجارية، أو المرّشحين للتأثير في الأحداث. ومن هذا المنطلق، لا يمكن تصوّر هذا الجنس الصحفي إلا في ارتباطه بالأحداث الجارية.
ويضيف عبد الوهاب الرامي في هذا الكتاب الصادر عام 2011 أن “البروفايل” يعمد إلى تقريب القارئ من شخص ما عبر إبراز ما يميّزه وينفرد به، كما أنه ليس سيرة حياة شاملة، فهو يرسم ملامح الشخصية، ويرصد مسارًا مختزلًا وانتقائيًا، ويُكتَب بإحساس، بينما تعمل السيرة على تقديم الشخص ومحطات حياته وتقديم المعطيات والمعلومات بطريقة كتابة صارمة وجافة.
ويشير الرامي إلى أن “البروفايل” يلتقط ثلاثة عناصر أساسية من أجل رسم ملامح الشخصية، هي تلك الملامح التعريفية، أي المعلومات الأساسية، ثم الملامح النفسية أي سلوك وعادات الشخصية، ثم الملامح الفكرية، أي كيف تفكّر هذه الشخصية. ومن مواصفات “البروفايل”‘ الناجح حسب الرامي أن يكون موضوعيًا وأن يعتمد على شهادات حيّة من الشخصية.
كما يُفرد الصحفي الفرنسي، ميشيل روجر، في لقاء إعلامي، مجموعة من النصائح الهامة لأجل إنجاز “بروفايل” مميّز، يقسمها إلى ثلاثة أقسام أساسية:
قبل الإنجاز: التساؤل لماذا هذا البروفايل، البحث عن معلومات تخصّ الشخصية ونشاطها، أخذ موعد مع الشخصية، إعداد الأسئلة.
أثناء الحوار: خلق جو من الثقة، طلب الإذن للتصوير وتسجيل الصوت، ترك الحوار يبدأ في البداية بشكل عفوي، طرح أسئلة مفتوحة ومغلقة، خاصة سؤال لماذا والتثبت جيدًا من الإجابات الواضحة، تدوين أكبر قدر من الأفكار.
أثناء الكتابة: تحديد زاوية الكتابة، وضع خريطة للموضوع، كتابة التقديم دون إنهائه، كتابة الموضوع عبر الاهتمام ببدايات الفقرات واعتماد الجمل القصيرة التي تقدم كل واحدة منها معلومة، والابتعاد عن الكلمات والتوصيفات الصعبة، وضع عناوين فرعية داخل النص، وضع اقتباسات ونكت وملاحظات دون تناسي إضفاء قليل من السخرية، الاهتمام بالخاتمة، تدقيق التقديم، إيجاد عنوان يحمل معلومة وفي الوقت نفسه يكون محفزًا على القراءة مع الابتعاد عن طرح التساؤل في العنوان.
ويعتمد “البروفايل” في طريقة كتابته بشكل كبير على جمالية أسلوب الصحفي، عكس مجموعة من الأجناس الصحفية الأخرى التي تكون لغتها تقريرية كالتقرير والمقال الصحفي والحوار، وكما يتحدث إفيس أنييس في “كتاب الصحافة” فالبروفايل هو جعل شخصية ما تحيا عن طريق الكلمات، والحكي عنها كما لو أننا نعيد رسم حدث ما.
وزيادة على الفرق في استخدام اللغة، فإن “البروفايل” يمتاز عن الحوار بكونه قد يعتمد على شهادات ناس آخرين وليس فقط الشخص المحاور، كما يمكن له أن يستغني عن شهادات الشخصية المعنية إذا تعذر اللقاء بها، مثلًا شخصية توفيّت منذ مدة وأتت في سياق الأحداث الجارية، فإجراء الحوار مع الشخصية، وإن كان ذلك مطلوبًا، ليس شرطًا أساسيًا لنجاح “البروفايل”.
وينصح الكاتب عبد الرحمن مصطفى في مقال له على موقع الصوت الحر الصحفي بالتوغل في عرض الشخصية التي يكتب عنها عبر إيجاد زاوية للكتابة، ومن ذلك تقديم الشخصية كعامل فهمٍ لحدث طارئ بشكل يخدم فيه “البروفايل” المحتوى الخبري في الجريدة، أو البحث عن شخصيات بتجارب جديدة لا يتيح لها الإعلام مساحات مناسبة، أو استخدام “البروفايل” كطريقة لعرض التفاصيل الغائبة التي لا تقدمها الأخبار.
وعن الطريقة المتبعة في تحرير البروفايل، ينصح عبد الوهاب الرامي أن يعتمد الصحفي على قانون التعاقب بشكل سريع، أي أن يكسر رتابة السرد، ويعمد إلى تعاقب الصور والأفكار والوصف والسرد والأسلوب المباشر وغير المباشر وغيرها من عناصر الكتابة التي تجعله شبيها بتقنيات التقطيع في السينما.
بينما يشير فاروق أبو زيد، صاحب كتاب “فن الكتابة الصحفية” الصادر عام 1990، إلى أن “البروفايل” يعتمد على طريقة الهرم العادي، أي مقدمة أقل أهمية إلى خاتمة أكثر أهمية، أي أنه يكون عكس الخبر الذي يعتمد فيه على تقنية الهرم المقلوب التي تعتمد في البداية على الأكثر الأهمية.
الصورة أخذها اسماعيل عزام : صورة من بروفايلات كتبها محمد الهرادي في مجلة أوال المغربية المتوقفة عن الصدور.