عبد الملك قرة محمد |
إن تقارب ميليشيات قسد مع ميليشيات الأسد يتناقض ومبدأ القضية الكردية التي ظهرت أصلاً للمطالبة بحقوق الأكراد التي اضطهدها الأسد الأب والابن من خلال منع الأكراد من العمل في مؤسسات الدولة ومنع تجنيس عدد كبير منهم وتهميش مناطقهم خدمياً فكان آل الأسد دون أدنى شك العدو الأبرز لقضيتهم.
ومع تشكيل الأحزاب الكردية واتساع عملها العسكري ظن الأكراد أن هذه البداية ستكون إشراقة لتحقيق الحلم الكردي الذي يبدأ من إدارة ذاتية لها دستور خاص وتهدف إلى تأمين حياة كريمة لأكراد سورية بعد أكثر من خمسين عاماً من الظلم والتهميش.
لكن الواقع كان مختلفاً عن الأهداف فسرعان ما انبرت الميليشيات الكردية لتحقيق مآرب النظام في الأراضي السورية فعقدت معه اتفاقات عدة تقوم على ثقة خلبية تجاهلت فيها التاريخ الأسود لحكم الأسد.
هذه الثقة العمياء ستكلف الأكراد كثيراً لأن النظام مستعد للتحالف مع أي كيان لخدمة غاياته ولا يعني ذلك بالضرورة أن يقدم تنازلات أو تحسينات للواقع الكردي خاصة أنه يعد الأكراد كياناً معادياً رغم كل التواصل بينه وبين الميليشيات الكردية على مستوى الاقتصاد والعمل المخابراتي.
بالنسبة للاقتصاد فرغم كل الثروات التي تسيطر عليها قسد فإن الشعب الكردي في تلك المناطق ما زال يعاني من الفقر المدقع نتيجة سياسة قسد التي تكرس كل أرباحها لزيادة العتاد العسكري كما تعد مناطق قسد مصدراً مهماً تُهرَّب منه الوقود لمناطق النظام بكل سلاسة ودون أي قيود.
وفي سعيها لتجنيد أكبر عدد ممكن من الأكراد لزجهم في معارك قادمة قد تكون إلى جانب الأسد، قامت قسد بتوفير مكاسب ومغريات لجنودها على حساب المدنيين الأكراد الذين مازال معظمهم يمارس مهن بسيطة ويعاني من فقر شديد.
إن نظام الأسد يحاول أن يجبر الأكراد على طلب التحالف معه من خلال التلويح باتفاقية أضنة حيناً وبوحدة سورية خالية من دولة كردية داخلها أحياناً أخرى، ويبدو أن الأوضاع السياسية تقف أيضاً إلى جانب بشار الأسد فأمريكا في طريقها للتخلي عن الأكراد الذين حموا مصالحها في السنوات الماضية إضافة إلى انفتاح كبير في العلاقات بين الأسد ودول التحالف الذي دعم الميليشيات الكردية في معاركها مع داعش.
بالمقابل فإن أمريكا تسعى إلى شق قناة للحوار والمفاوضات بين نظام الأسد والأكراد لتشكيل قوة تناور بها القوة التركية التي تبدو أكثر انسيابية مع روسيا لذلك فإن انسحاب أمريكا قد يخفف وطأة الضغط الكردي على تركيا إلا إذا نجحت المفاوضات الكردية مع النظام ودخل بموجبها إلى مناطق الإدراة الذاتية عندها قد يشكل مع قسد قوة كبرى يعتقد أنه قد يفرض من خلالها على تركيا الانسحاب من سورية.
إن سعي المجتمع الدولي لإعادة تأهيل الأسد يتطلب التخلص من كل القوى المتصارعة داخل سورية بداية من داعش ومروراً بقسد وصولاً إلى فصائل المعارضة لأنها تتعارض مع مصالح أمريكا وبعض دول الخليج المعادية لتركيا لذلك فإن المحافظة على النظام قد تهوي بأحلام الأكراد وتعيدهم إلى مغتصب قضيتهم بشار الأسد…