إنَّ التربية المنتجة عملية صعبة ومستمرة تحتاج إلى معايشة مع المتربين، والتربية التي تعتمد على لقاء عابر أو جلسة أسبوعية أو مناسبة عامة فقط تربية فيها نقص وخلل، ومن ثمَّ لا يكون البناء متكاملا، فلا نستغرب بعد ذلك من تلك المخرجات المتذبذبة والمتهلهلة التي من أبرز سماتها الالتزام الأجوف، وإنَّ وجود المدرِّس أو المدرسة مع الطلاب لفترة طويلة وخاصة المرحلة الأولى من التعليم ينبغي أن تكون مؤثرة جدا وفعالة بحيث يخرج الطالب من هذه المرحلة وقد تشرب قيما إيجابية، ونزع من صدره السلبية، والمتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يجد كيف أنَّه اهتم بهذا الجيل وهذا العمر بحديثه المشهور مع ابن عباس حيث قال له: ( يا غلام إنِّي أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أنَّ الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) هذا حديث حسن صحيح.
فمن أعظم الأمور التي ينبغي التأكيد عليها في هذه المرحلة من العمر مسألة الوازع الديني الذي يمنع صاحبه من الغش ومن الخداع، هذا الوازع الداخلي الديني وهذه المراقبة هي التي ستنتج لنا الطبيب الصادق، والمهندس البارع، وكذلك النجار الأمين، وغيره من الصناعات التي نحتاجها في حياتنا.
لا بدَّ من تجسيد هذا المعنى فيكَ واقعا عمليا تراه في طلابك، فكيف إذا اشترك القول والفعل معا!
أفعالنا إن وافقت أقوالنا أقوى لنا، وأقوالنا إن خالفت أفعالنا أفعى لنا.
عبد الله طرشة كردي