أحمد نعسان |
لم توفّر مواقع التواصل الاجتماعي والوسائط المتعددة تفصيلاً من تفاصيل حياة الأهالي في إدلب، إلا وفرضت تأثيرها فيه بعد الرواج الكبير الذي حققته بين مختلف الفئات العمرية، فضلاً عن توفر خدمة الإنترنت في المحافظة، ما فتح المجال في المنطقة لِما يسمّى بالتجارة الإلكترونية.
فقد بات الأمر سهلاً عند أبو حسين (32 عاماً) من سكّان جسر الشغور في ريف إدلب، عند بحثه عن مولدة كهرباء مستعملة لمنزله، حيث أخبرنا أنه دخل إلى مجموعة مستعمل مدينة إدلب وريفها، ووجد مولدة مستعملة ناسبَهُ سعرها، ثمَّ تواصل مع الشخص الذي يعرض المولدة واتفق معه على السعر (90 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 110$ تقريباً).
ويضيف أبو حسين: “تواصلت قبلًا مع البائع على صندوق الرسائل على صفحة فيسبوك، حيث وجدت الإعلان واتفقنا على السعر، ثمَّ التقينا واستلمتُ المولدة منهُ بعدما دفعت الثمن المتفق عليه”.
وتنتشر عبر موقع فيسبوك آلاف المجموعات التي تندرج تحت إطار السوق الإلكترونية، حاملةً اسم المنطقة ونوعية المواد التي يتم عرضها، مثل: (سوق إدلب مستعمل، وسوق سرمدا التجاري جديد.. مستعمل، وسوق معرة مصرين للمستعمل). وتحظى هذه المجموعات بمتابعة كبيرة من الأهالي، كما تسمح لهم بمتابعة آخر أسعار المواد وحتى سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأخرى.
يقتني عبد القادر العيسى (28 عاماً) في منزله، مجموعة من الأجهزة الخليوية بغرض التجارة، ويقول: “لم أعد أتحمّل عبء دفع مصاريف إيجار المحل وتكاليف الكهرباء، لذا وجدتُ ضالتي بعرض بضاعتي عبر مجموعات فيسبوك، وبذلك تكون نسبة الربح أكبر، لأني لا أتحمَّل إلا تكلفة الأجهزة”.
يضيف العيسى: “يتم تحديد منطقة قريبة بين البائع والشاري للقاء فيها وإتمام عملية البيع، بعد أن يكون قد تمَّ الاتفاق على السعر مسبقاً إلكترونياً، لكن لا يخلو الأمر من المراعاة بالسعر بعد التعرّف على الشاري وجهاً لوجه.”
لم يقتصر أمر التجارة الإلكترونية في إدلب على مجموعات فيسبوك، إنما يتم التواصل بين الناس عبر غرف الدردشة في واتساب، حيث يقول محمد النعسان (30 عاماً) من ريف حماة :” أصبحتُ أشتري وأبيع السيارات عبر غرفة دردشة في واتساب تضم أكثر من 100 شخص يتاجرون بالسيارات.”
ويقول النعسان: “إنَّ آلية الاتفاق على البيع والشراء، تحصل كما في مجموعات فيسبوك، بالاتفاق مع الطرف الآخر، ثمَّ الحديث عبر الخاص والالتقاء في مكان محدَّد لإتمام العملية.”
لا يقف الأمر عند هذا الحد، إنما أصبحت هذه المجموعات أو الأسواق الإلكترونية، وسيلةً يروّج لها الباعة لمحالهم التجارية ولبضائعهم بدلاً من الطرق التقليدية للترويج من صحف وإعلانات ورقية على الجدران.
محمد حداد (45 عاماً) لدى افتتاحه محال للصرافة في سوق جسر الشغور ، نشر إعلاناً بذلك عبر عشرات صفحات فيسبوك ومجموعات واتساب.
من جهة أُخرى، ولدى سؤالنا الجهات الأمنية في جسر الشغور، عن إمكانية حصول عمليات نصب واحتيال في السوق الإلكترونية، وعن كيفية التعامل معها، أفادتنا تلك الجهات بالقول: “نتعامل مع بعض عمليات الاحتيال التي قد تحصل عبر مجموعات فيسبوك وواتساب بحسب المعطيات المتوفرة، ونتواصل مع الأشخاص ونساوم معهم لرد الأغراض التي قد يأخذونها دون دفع المبلغ المتفق عليه أو المراوغة في ذلك، وبهذا تكون قد وفّرت مجموعات فيسبوك وغرف الدردشة في واتساب على البائع في إدلب أعباءً مالية كثيرة، كما وفّرت على الشاري الوقت والجهد، وسمحت بكثرة العرض وتسهيل عملية الشراء.