“التشبيح الدرامي”.. مصطلح جديد، أو ربما ماركة جديدة بدأت تصبح سمةً عامة مشتركة للأعمال الدرامية السورية التي تنتجها شركات الإنتاج الحكومية السورية أو الخاصة العاملة في كنفها.
وغصّت المشاهد الأولى من الأعمال السورية في موسم رمضان 2016 برسائل سياسية وإسقاطات مباشرة على الحالة الراهنة، وصلت حد تلقين المشاهدين الأفكار بطريقة فجّة. بينما خلا الموسم من إنتاج أي عمل فني للمعارضة السورية وفنانيها.
يفتتح مسلسل “زوال” (أحد الأعمال الثلاثة التي أنتجتها شركة الإنتاج الحكومية) المشهد الأول بلقطاتٍ تُظهر مشاهد من الثورة التونسية على التلفاز ونشرات الأخبار التي يجلس أمامها شابُ متخبط مع مجموعة كتب بجانب التلفاز أحدها عنوانه “سقوط الأقنعة”
في المشهد التالي يظهر بطل المسلسل الفنان السوري “سلوم حداد” وهو ينصح طفلاً بأن ينتبه إلى خطواته، ويقول له بالعامية السورية: “اللي مابينتبه على خطواتو بيغلط.. النار بدها تحرق كل شي من المحيط إلى الخليج”.
مخرج العمل الذي أنتجته المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي الحكومية صرح لصحيفة البعث السورية بأن مسلسلهُ يرد على من يحاول المساس بأمن الوطن.
من جهة أخرى قال المخرج والناقد السوري علي سفر لـ”هافينغتون بوست عربي” إن “صناع الدراما لاسيما في المؤسسة الرسمية المنتجة كالتلفزيون السوري عادةً ما يذهبون إلى صناعة أعمال مناسباتية، وقد تكرر هذا الأمر دائماً في تاريخ الدراما السورية، لكنه لم يكن ظاهرة تستحق أن يتوقف عندها المشاهدون وكذلك النقاد، فهي جزء من المهام المطلوبة من هذه المؤسسة”.
ويرى سفر الذي انشق عن التلفزيون السوري ويقيم في تركيا حالياً أنه “مع مرور الوقت من بداية الثورة بدأنا نلحظ أن هذه الوظيفة باتت هي كل ما تفعله هذه المؤسسة”.
ويؤكد سفر لـ”هافينغتون بوست عربي” أن شركات الإنتاج الخاصة في حالة تخندقها واصطفافها مع النظام باتت تنتج أعمالاً تعبر عن وجهة نظره أو تروي روايته عما يحصل، وهذا أمر طبيعي في السياق، مضيفاً: “هل تتوقع أن تقدم مؤسسة استولى عليه النظام أعمالاً درامية لا تخدمه؟”.
شركات الإنتاج السورية أنجزت أكثر من 24 عملاً في موسم رمضان 2016 بينها 3 لشركة الإنتاج الحكومية وهي: “لست جارية” و”زوال” و”بلا غمد”. وجميعها تخدم وتكرّس وجهة نظر النظام، ولم تخرج باقي الأعمال عن هذا السياق بما فيها دراما البيئة الشامية التي تمّ تحميها رسائل سياسية أيضاً.
وتناولت الحلقات الأولى من “باب الحارة” أفكاراً سياسية تتعلق بـ(لواء إسكندرون والتعايش مع اليهود ونبذ الفكر المتطرف) في إسقاطات باتت فجّة أكثر من كل الأجزاء الماضية، ليخرج المسلسل عن حكايته الأساسية في الأجزاء الأولى ويدخل في فخ التلقين للمشاهدين
دفع ذلك كثيرين عبر الشبكات الاجتماعية إلى المطالبة بإيقاف عرض باب الحارة. كما اكتظت الأوساط السورية في الشبكات الاجتماعية بتعليقات سلبية عن المسلسل بعد انتهاء الحلقة الأولى منه. وشبّه أحد المعارضين المسلسل بـ”حارة دنب الكلب”، في إسقاط على التسمية التي أطلقها مسؤول روسي على بشار الأسد حين شبّهه بـ”ذيل الكلب”.
نفس الأمر تكرر في مسلسل “خاتون” (بيئة شامية) عبر شخصية “عكاش” قاطع الطريق الذي يستغل أهل حارته ويفرض عليهم الإتاوة، ويتجنب قتال المستعمر. كذلك الحال في مسلسل “عطر الشام” الذي يجسّد اقتتال الإخوة وشخصية الزعيم المظلوم التي يؤديها رشيد عساف.
الأعمال الكوميدية على ندرتها في الدراما السورية كانت أقل حدة في التلقين، وتركت المجال للمشاهدين من أجل الابتسام والحُكم، وهو ما ظهر في مسلسل “بقعة ضوء 12” الذي احتوى لوحات عن “داعش” ومفارقات الحالة السورية بشكل أقل فظاظةً عن باقي الأعمال.
المصدر : هنفغتون بوست