د. محمد نور حمدان
جاءت جائحة كورونا من حيث لا نتوقع واضطرت المؤسسات التعليمية أمام جائحة جديدة بالاعتماد على التعليم عن بعد لضرورات وقائية وهذا مفهوم ومطلوب إلى درجة معينة.
لكن ما ليس مفهوما أن تتحول الحالة الطارئة إلى أصل وتعتمد المؤسسات التعليمية على التعليم عن بعد بحجة أن التعليم عن بعد هو الأفضل والأكثر تطورا وتقدما حيث يدرس الطالب وهو في منزله ولا يحتاج إلى الخروج من منزله.
نعم عندما تقوم المؤسسات التعليمية على حسابات تجارية بحتة وتغيب فيها المعاني التي قامت عليها المؤسسة وهو التعليم والرقي في الجيل والتقدم به وجدت تلك المؤسسات أن التعليم عن بعد هو المخلص والمنقذ لها لأن التعليم عن بعد وفر عليها التكاليف والأعباء المادية الباهظة التي كانت تنفقها على العملية التعليمية فالمؤسسة وفرت الأمور التالية :
1- تكاليف وأجور المعلمين حيث لم تعد بحاجة إلى التعاقد مع المعلمين بحجة أن وجودهم في المؤسسة لم تعد بحاجة إليه
2- تكاليف وأجور القاعات حيث وفرت اجور القاعات على الطلاب لأنهم يداومون في منازلهم.
3- الاقتصار على بعض المعلمين حيث استطاعت جمع مئات الطلاب من أماكن مختلفة ومتفرقة بمدرس واحد ولا فرق أن يكون هذا المدرس في السعودية أو في ألمانيا أو في امريكا والطلاب في سوريا أو في تركيا ….
التعليم عن بعد في ظل كورونا كان فرصة للمؤسسات التعليمية التجارية من أجل اختزال التعليم في المصالح التجارية المادية.
ومع الأسف بعد سنة ونصف من التعليم عن بعد وجدنا أن روح العملية التعليمية قد غاب بين طلابنا وفي مؤسساتنا وتحولت هذه المؤسسات من مؤسسات تهدف إلى التعليم هذا الهدف الراقي النبيل إلى مؤسسات غايتها التجارة والاستمرار بغض النظر عن الجودة التعليمية هل تحقق أم لم تتحقق.
ويبقي الحلقة الأضعف هو المدرس الذي لم تعد تلك المؤسسات بحاجة إليه والطالب الذي فقد تلك الروح التي كانت موجودة من خلال التواصل مع المباشر مع استاذه ومربيه.
إن التعليم قبل أن يكون حصة دراسية مطلوبة ومعلومات يتم تقديمها من الكتاب هو روح ومواقف وتجربة يتعلم فيها الطالب من استاذه الكثير من المواقف والتجارب الحية .
وفي الختام نحن كمؤسسات تعليمية في الدول النامية اعتمدنا على التعليم عن بعد لكن أخذنا من هذه التجربة مساوئها وهو الاستغناء عن المدرسين ودمج عشرات الطلاب وغياب المراقب والمقوم للطلاب بل أصبحت مهمة الاستاذ هي إعطاء هذه الصفحات على غرفة الزوم ثم الانصراف دون أن يعرف من الذي يحضر درسه وما هي احتياجاتهم وما هي افكارهم بل تحول الى رقم ضمن غرفة الزوم ولم نأخذ حسناتها الموجودة في الدول المتقدمة عندما يتحول الاستثناء إلى أصل وعندما يتحول التعليم إلى تجارة قد تكون رابحة وقد تكون خاسرة.