لم يعد التعليم كما كان في الماضي (فعالية إلقاء وتلقي) تقوم على المخزون المعرفي لدى المعلمين ، والقدرة الاستيعابية لدى الطالب ، فمع تطور الحياة بكافة جوانبها ودخولها عصرها التكنولوجي تراجعت أهمية المعرفة إلى الدرجة الثانية ، ليتربع على عرش العلم (الجانب التطبيقي) أو ما يسمى كفاءة الممارسة .في الحرب يبدو الوضع أشد تعقيداً وأكثر سهولة في الوقت نفسه، فما تفرضه الحرب هو درجة عالية من القسوة تجاه الجانب النظري “علينا أن ننظر للأمر بهذه الإيجابية” ، فكفاءة الممارسة أصبحت اليوم مطلوبة بشكل أكبر من الأبطال الذين يتصدون للعملية التعليمية، عليهم أن يكونوا أكثر سرعة، وأوسع أفقاً، والأفضل أداءً، كل ذلك بممكنات زهيدة جداً، وتدريب أقل ومناهج عسيرة . فكيف؟؟ما يميّز معلمي اليوم أنهم على تماس مباشر بالتجربة ضمن أطر أكثر حرية وانفتاحاً، إنهم في الحقيقة لا يحتاجون سوى للملاحظة ، الملاحظة الدقيقة جداً ليستفيدوا من واقعهم المليء بالظروف المساعدة .أغلب من يتواجد اليوم في قطبي العملية التعليمية هم من يمتلكون الإرادة (معلمين وطلاباً) ، تعد هذه النقطة مهمة جداً من أجل تعليم أفضل . المعلم اليوم يستطيع أن يضرب بعرض الحائط الكثير من المواد التي لاقيمة لها والتي كانت تضيع وقته، ويستبدلها بالأكثر قيمة وأهمية، كما أنه يجب أن يجعل جل تركيزه على المخرجات فلا يهتم بالشكليات التي لافائدة منها، مع اختفاء الكتاب أحيانا كثيرة صار بإمكاننا أن نكون أكثر تشاركية مع طلابنا في صناعة الدرس، ومع اختفاء المختصين من المدرسين صار متاحاً للهواة أن يجدو مكاناً لخيالهم ويجربوا مع طلابهم أشياء تكون أكثر أهمية من المسائل المملة .لا أريد هنا ان أغرق في التفاصيل، أو أن أعطي حلولاً إجرائية عملية، وإنما هي محاولة للفت النظر ليس إلا، والإشارة إلى مكامن البطولة التي يمكن أن توجد بها تجارب خلاقة في التعليم . أعرف أن الأمر ليس بهذه البساطة ولكن هي دعوة سريعة للتفكير بإيجابية وبمتعة أكثر في التعلم تسهم في تخفيف وطأة الحرب علينا جميعاً . المدير العام / أحمد وديع العبسي