استغلالًا للصمت الدولي تستمر حملة التهجير القسري الممنهجة للمدنيين والثوار من المناطق المتبقية في الجنوب باتجاه إدلب الملاذ الأخير للمعارضة في سورية، مصير مشابه واجهته درعا والقنيطرة مؤخرًا كباقي المدن والبلدات السورية الأخرى، فإما التهجير أو تسوية الوضع وفق ضمانات روسية مآلها كغيرها من الضمانات في باقي المناطق.
حيث أطلقت روسيا وقوات النظام حملة عسكرية شرسة بتاريخ 19/6/2018 على درعا والقنيطرة تسببت بحركة نزوح داخلية قُدرت بـ 350 ألف نازح من مناطق الاشتباكات إلى المناطق الحدودية مع الجولان والأردن ليسيطر بعدها على مجمل درعا والقنيطرة باستثناء حوض اليرموك الذي تسيطر عليه داعش، ثم فرض مبدأ المصالحات والتسويات مع الأهالي إلا أن آلاف العائلات رفضت التسوية ووافقت على التهجير والخروج إلى الشمال السوري.
إلى الآن خرجت ست دفعات من الجنوب ثلاث دفعات من القنيطرة وثلاث دفعات أخرى من درعا، حيث وصل عددهم إلى 9426 من بينهم 3040 طفلاً و2268 امرأة و4118 رجلاً، استقر معظمهم في أرياف إدلب وحلب.
ويشير الوضع الحالي في الجنوب السوري إلى أن هناك العديد من العائلات تودُّ الخروج إلى الشمال السوري قُدر عددهم بـ 5000 شخص لكن روسيا والنظام يمنعونهم، حيث قام النظام بعزل مدن الجنوب عن بعضها ومنع وصول الأهالي للحافلات.
من جهة أخرى واجه المهجرون من درعا والقنيطرة معاناة كبيرة خلال رحلة تهجيرهم إلى إدلب، ففي حمص احتجزت قوات النظام قافلتين بداخلهما 3391 شخصًا على المتحلق الجنوبي مدخل مدينة حمص من قبل ميليشيات (لبيك يا زينب) الإيرانية، ثم تم الإفراج عنهم بتدخل عناصر من القوات الروسية بعد احتجازهم 7ساعات.
كما حدثت عملية دهس لعدد من المدنيين من قبل سائق قيل إنه فقد السيطرة على فرامل الحافلة مما أدى إلى تراجع الحافلة نحو الخلف، ثم إطلاق نار عشوائي على مقدمة الحافلة أدى إلى جرح أحد الركاب فيها.
وتسعى قوات النظام للامتداد غربًا على طول الحدود الأردنية من معبر نصيب حتى بلدة خراب الشحم، ومنها إلى محيط حوض اليرموك ممَّا يقطع التواصل بين الريفين الشرقي والغربي لدرعا ومحاصرتها بالكامل.
السيناريو نفسه تكرر في القنيطرة، حيث يتعلق مصير القنيطرة بالتفاهمات الروسية الإسرائيلية على عكس درعا التي تخلت عنها أمريكا لروسيا في الدخول إليها بعد رفع يدها عن الفصائل.
بدأت قوافل المهجرين من درعا بالوصول إلى قلعة المضيق غرب حماة في 16 تموز باتجاه الشمال السوري ممن رفضوا الاتفاق المبرم بين فصائل المعارضة وقوات الأسد تحت وصاية روسية، ثم تحولت نقطة الوصول إلى مورك شمال حماة، حيث وصل المهجرون من الثوار وعائلاتهم ومدنيين اضطروا لمغادرة بيوتهم بعد أن تم قصفهم بكافة أنواع الأسلحة، واستغرقت الرحلة أكثر من 10 ساعات.
يشار إلى أن نسبة كبيرة من أهالي ومقاتلي جنوب سورية قرروا البقاء في درعا والقنيطرة بعد أن قدمت روسيا ضمانات بعدم دخول قوات الأسد للمناطق التي قبلت بالتسوية السياسية إضافة إلى عدم ملاحقة المطلوبين حسب زعمها.
توجهت القوافل إلى مركزي الاستقبال مخيم ساعد وميزناز رغم أنها لم تعد تستطيع تحمل المزيد من المهجرين إضافة إلى أن كلا المركزين يحتويان على مهجرين مسبقًا من الغوطة الشرقية وشمال حمص ممن لم يتمكنوا من تأمين مأوى وطعام بشكل ثابت ودوري.
وأجرى الفريق الطبي لدى منسقي الاستجابة إحصاءً لعدد من الحالات الطبية المختلفة ضمن قوافل المهجرين (أمراض داخلية، إصابات حربية، أمراض أطفال، حالات سوء تغذية…) تم نقل أغلبها إلى المشافي والنقاط الطبية المنتشرة في الشمال.
ووفق متابعة منسقي الاستجابة للمهجرين أكدوا أن بعض العائلات بدأت بمغادرة مراكز الاستقبال والإيواء الجماعي إلى مناطق أكثر استقرارًا حيث تحاول الأسر المهجرة استئجار منازل للاستقرار فيها، فيما تحاول المنظمات والهيئات تأمين مستلزمات الأسر واحتياجاتهم وتقديم المساعدات الطبية وغيرها ضمن الإمكانيات المتاحة.