رئيس التحريرلم تعد التحركات العسكرية التي تشهدها المنطقة وتنذر باشتعال حرب ضروس مجرد كلام يضيع في الهواء أو حديثًا تقطع به وسائل الإعلام وقتها، فمراقبة المشهد وقراءة الإجراءات التي تقوم بها روسية في سورية للدفاع عن مصالحها التي يقوم على حراستها كلب النظام السوري وجيشه، والخطوات الجديدة التي تقوم بها الولايات المتحدة، تشير إلى أن هناك استراتيجية جديدة تعمل عليها الأطراف المتنازعة قد تتطلب منهم المواجهة المباشرة.وفي هذه الحرب المرتقبة لا بد من الاستعداد لها، والتخلي عن الأساليب الحربية القديمة التي ورثناها من العصر الجاهلي ومن مخلفات داحس والغبراء، للدفاع عن مسار الربيع العربي الذي سيتحول إلى صيف قائظ حارق أو إلى شتاء قارس قارص، إن أطفئت شمسه وأحرقت أوراده.ومن البديهي بداية أن نتعرف إلى العدو وخططه التي يعتمدها والأولويات التي يعمل عليها والبحث عن نقاط قوته وضعفه، لكيلا نقع للمرة المئة في شراك المفاجأة والصدمة وعدم التوقع، والأهم من ذلك هو معرفة القدرات الذاتية والإمكانات المتاحة وإعداد الخطوات على ضوئها وبما يناسب حجمها، لأن بعض الجماعات تخطط لأعمال أكبر منها فتبقى مخططاتها كلمات على أوراق في غرف عمليات يغطيها الغبار وتسكنها العناكب، وبعضها يمتلك القدرات الكبيرة والعناصر البشرية القوية، ولكنها ما زالت تجهل ذلك فلا تعمل إلا ضمن خطة الساعة والساعتين!ومن مظاهر الخلل في معرفة العدو من الصديق ومعرفة القوة الذاتية ومعطياتها هو تعويل البعض على الجيوش العربية في معركة التحرير على الرغم من أنها حصن الباطل المنيع الذي يتخندق فيه الحكام المستأجرون، فتلك الجيوش ما وجدت إلا لخنق كل حركة تحرر ولذلك يجب أن تصنف ضمن دائرة الباطل. إنها حقيقة لا يمكن تجاهلها، وإن غضّ الطرف عنها يعني توالي الانكسارات التي ما زالت تلحق بالأمة بسبب تزوير الحقائق واختلاط حابل العدو بنابل الصديق.انظروا إلى الجيوش العربية التي لم تخض حربا واحدة في سبيل مبدأ، أسلحتها خردة وحربها شعارات وجنودها كائنات خالية من كل فضيلة، وقوادها تجار يبيعون ويشترون، وقد استطاعت أمريكا أن تمسح بالجيوش العربية مراحيض البيت الأبيض عندما شنت حروبها على المسلمين ولم ينتفض لهم أحد من تلك الجيوش العرمرم المشغولة بحماية الجارة إسرائيل! إلا أنها انتفضت في وجه الشعوب المقهورة التي استيقظت من سباتها وطالبت بحريتها وحقوقها، فنكلت بها وسامتها سوء العذاب، ذلك أن أساس وجودها كما تقدم من أجل قمع الناس واستئصال ما تبقى من الإيمان في القلوب.إن الأمر يتطلب من أولئك الذين يعولون على الجيوش العربية ويعيشون في أحلام وردية وخيالات (الشعب والجيش إيد واحدة) يتطلب منهم أن يقفوا وقفة واقعية ليخرجوها من دائرة (الصديق)، صحيح أنه قد يكون في تلك الجيوش أفراد قد ينتصرون للحق، ولكن الذي يعول على أفراد لا شك أنه سينتقل يوما من أحلامه الوردية إلى كوابيس الواقع.