بقلم: عدي الحلبي.
إنَّ استمرار الثورة بعد كلِّ هذه السنوات والعقبات، أُثبت للجميع أنَّها ثورة حق تسعى لانتزاع الحياة من مغتصبيها، فمنذ انطلاقها بأفواه الأطفال الذين أعلنوا يوم الخامس عشر من آذار لعام 2011 انفجارا تولَّد نتيجة سنوات طويلة من الضغط على الحقوق، كان هذا اليوم قصة سورية بحق، تروي الصراعات الطويلة على مدى سنوات مضت.
فالسوريون يرون في هذا اليوم بشائر نصر تلوح بالأفق، فخلال الخمس سنوات الماضية يضيف هذا اليوم حدثا جديدا يدفع عجلة الثورة قدماً ..
وفي ذكرى هذا العام، أعلن الرئيس بوتين أنَّ القوات الروسية قد أنهت عملها -على حدِّ قوله -وأنَّها ستنسحب ابتداء من الثلاثاء الخامس عشر من آذار، ليكون هذا اليوم ذكرى للثورة وعيد جلاء مستعمرٍ أنهك الثورة كثيرا خلال الأشهر القليلة الماضية.
ولا بدَّ أنَّ وراء هذا الانسحاب أسباب كثيرة وكبيرة، وربَّما يحمل نتائج خطيرة، فالخسائر الاقتصادية التي تتكبدها روسيا يومياً – والتي وصلت إلى أكثر من 3 ملايين دولار يوميا – تعدُّ سببا واقعيا لهذا الانسحاب، ولكنَّه ليس السبب الوحيد، فالخسائر الاقتصادية جانب منها، حيث يطالعنا تطبيق قرارات دي مستورا بوقف العمليات، وخوف روسيا من امتداد السخط على عملياتها في سورية إلى داخل أراضيها، كما أنَّ الكثيرين يرون بأنَّ السبب الكامن وراء هذا الانسحاب المفاجئ ربَّما هو تشكيل بيئة خصبة لنمو مخططات النظام الساعية لاستيعاب الثورة ضمن المصالحات السلمية التي تتمثل بانسحاب روسيا والميليشيات الأخرى، وإجراء انتخابات لمجلس الشعب تضم عدداً من المعارضين، لإسكات المعارضة وإقناعها بأنَّ الانتخابات الرئاسية ستجري لاحقاً، وستكون قطعاً تحت رعاية النظام ومؤسساته ضمن فترة انتقالية مدتها 18 شهراً.
لعبة سياسية ضخمة يتسابق أطرافها لتحقيق أهدافهم تحت عنوان تحقيق السلام في المنطقة، فهل سيكون آذار ثوري آخر في السنوات المقبلة؟ أم أنَّ الرواية أصبحت في فصولها الأخيرة؟ …