المحامي الأستاذ: احمد العمر
الدفوع هي مختلف الوسائل التي يلجأ إليها المدَّعَى عليه؛ للرد على مزاعم المدَّعِي وتفادي صدور الحكم عليه في الدعوى.
فهي مظهر من مظاهر حقِّ الدفاع، كما أنَّها صورة من صور استعمال وممارسة الدعوى.
للدفوع القضائية ثلاثة أنواع استقر عليها الفقه وهي:
ـ الدفوع الشكلية:
هي الدفوع التي توجَّه إلى إجراءات الخصومة القضائية بقصد استصدار حكم ينهي الدعوى دون المساس بموضوعها.
ونعني بإجراءات الخصومة القضائية إجراءات رفع وتداول الدعوى أمام محكمة الموضوع، والقصد من تعرض الدفوع الشكلية لإجراءات الخصومة القضائية هو التأكد من صحة هذه الإجراءات وأنَّها تمت وفق القانون، بحيث إنَّه لو ثبت أنَّ أحد هذه الإجراءات قد خالفت القانون حكمت المحكمة في مدى صحة هذا
الإجراء من عدمه دون التعرض لموضوع الحق الذي رفعت به الدعوى، فحيث يكون العيب في الإجراءات يكون الدفع الموجه لهذا العيب دفعاً شكلياً،
وهذا ما جاء بنص المادة /145/ من قانون أصول المحاكمات السوري:
أ ـ يجب على الخصوم أن يبينوا جميع طلباتهم ودفوعهم دفعة واحدة.
ب ـ يجوز للخصوم استثناءً من أحكام الفقرة السابقة أن يطلبوا قبل التعرض لموضوع الدعوى الحكم في الدفوع الآتية:
1 ـ عدم اختصاص المحكمة بالنظر في الدعوى.
2 ـ بطلان مذكرات الدعوى.
3 ـ إحالة الدعوى إلى محكمة أخرى مرفوعة إليها تلك الدعوى أو دعوى ثانية مرتبطة بها.
القواعد التي تحكم الدفوع الشكلية:
اولاً: الدفع الشكلي يبدى قبل التصدي للموضوع، وإلا سقط الحق في التمسك بالدفع،
وهذا ما أكَّدت عليه المادة /146/ من قانون أصول المحاكمات المدنية بما يلي: يجب إبداء الدفع بالبطلان في الإجراءات وبعدم الاختصاص المحلي في بدء المحاكمة وقبل أي دفع أو طلب آخر، وإلا سقط الحق فيها كما يسقط حق الطاعن في هذه الدفوع إذا لم يثرها في استدعاء الطعن.
ثانياً: الدفع الشكلي تفصل المحكمة به أولاً قبل البحث في الموضوع.
ثالثاً: الحكم في الدفع الشكلي لا يستنفذ ولاية قضاء الدرجة الأولي.
ـ الدفوع الموضوعية:
هو الإجراء الذي يتقدم به المدعى عليه إلى القضاء لإثبات أنَّ ادعاء خصمه على غير أساس.
الدفوع الموضوعية لا تقع تحت حصر، فهي تختلف من دعوى إلى أخرى حسب نوع وماهية الحق المطالب به، ويقع عبء إثبات الدفع على من أبداه لأنَّه يدَّعي خلاف الظاهر.
فوائد التمييز بين الدفوع الشكلية والدفوع الموضوعية
تتجلى أهمية التمييز بين الدفوع الموضوعية والدفوع الشكلية بعدد من النقاط أهمها:
1 ـ إذا أثار المدَّعَى عليه دفعاً موضوعياً، وقبلت المحكمة دفعه، ردَّت دعوى المدعِي نهائياً، ولا يحق بعد ذلك رفع الدعوى نفسها من جديد أمام القضاء.
ولكن إذا أثار المدعَّى عليه دفعاً شكلياً جواباً على الدعوى، وقبلت المحكمة دفعه، فقوة القضية المقضية لا تشمل سوى الدفع فقط، ولا تمس أساس الحق الذي يدعيه المدعي، فيحق لهذا الأخير رفع دعواه من جديد.
2ـ إنَّ الدفوع الموضوعية يمكن إثارتها مبدئياً في جميع أطوار المحاكمة بعكس الدفوع الشكلية التي يقتضي إثارتها في بدء الدعوى وقبل أي دفع آخر تحت طائلة سقوط الحق فيه.
3 ـ يجب مبدئيا على المحكمة أن تفصل في الدفوع الشكلية قبل البحث في موضوع النزاع، إذ قد يغنيها الفصل في تلك الدفوع من التعرض للموضوع.
وهذا ما نصت عليه المادة /150/ من قانون أصول المحاكمات بما يلي:
إذا دفعَ بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام النزاع نفسه أو لارتباطها بدعوى أخرى مقامة أمامها، فعلى المحكمة المقدم إليها الدفع أن تحكم فيه على وجه السرعة.
الدفوع بعدم قبول الدعوى:
هي دفوع لا يتعرض فيها الخصم إلى الحق المدعى به (الحق الموضوعي) كما لا يطعن فيها بصحة الخصومة أو إجراءاتها، وإنَّما ينكر فيها حق المدعِي برفع الدعوى
مثال:
ـ الدفع بانعدام المصلحة لدى المدعِي أو انعدام الصفة لديه.
ـ الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد القانوني.
ولقد استقر الاجتهاد القضائي على جواز سماع مثل هذه الدفوع في أي مرحلة من مراحل الدعوى.