بقلم غسان الجمعةإن ظهور العقل الإسلامي بتفكيره الفئوي الضيق في بعض المناطق العربية والإسلامية وسيطرة عمائم السوء وعباءات الأنا على رؤوس بعض المفكرين والقادة المتأسلمين وتغليب مصلحة الحزب أو التيار أو الجماعة التي يرون فيها الأمة المنشودة على مصالح المسلمين هي ويلات ظلم وظلام باطنها الجهل وانعدام النظرة المستقبلية، فظاهرها تطبيق الشريعة بحذافير علمائنا من سالف العصور، ومعظمها يأخذ المشروح من مئات السنين ليطبقه في القرن الواحد والعشرين، وهذا هروب من الواقع نحو الهاوية، وهم يعلمون أن القرآن وجد لكل الأمكنة والأزمنة، وكذلك السنة الشريفة، ولكن الضعف ساق البعض لأخذ شروحات العصور القديمة التي أبدع أسلافنا فيها في فهم النصوص بما يتواكب ومتطلبات عصرهم وتحدياته.إن ما حققته بعض الجماعات على الأرض لا يمثل تطبيقا حقيقيا للدين، فأي جدوى حصلت عليه الأمة من الطرق التي انتهجتها؟ وأي نصر تحقق على يدها؟ وكم من المفاسد درأت وكم من المصالح حققت واستجلبت؟ يبدو أنهم متناسون ما حل بالمسلمين من انهيار ثقافي واقتصادي وسياسي وارتفاع لمعدلات البطالة والفقر والمرض ودفع فاتورة باهظة الثمن من أرواح المؤمنين يعجز الغرب عن تنفيذها.إن ماحل بعالمنا الإسلامي من العراق إلى سورية فمالي فالصومال هو عملية تحصيل حاصل لضيق الفكر المبني على أخذ القوالب الجاهزة والحلول المعلّبة ممن فكرً ولم يتخيل عالمنا ولو في منامه، وإعادة تجريب المجرب بالطريقة ذاتها وبالأدوات ذاتها…إن ما تعيشه الأمة ليس بمخاض لولادة جديدة، بل اغتصاب وتنكيل وذل يستشري بعالمنا الإسلامي محملا بالمرض والخوف والدم والفقر والتشرد والخراب، وإن الشرع يأبى أن يقوم على جثث المسلمين وفقرهم وعوزهم وجهلهم، وإن المتشدق بذلك المخاض لا يعاني ألم الطلق ورهصة الألم إنْ صح تعبيره.إن العودة إلى القديم والتقليد بالشكل فقط والتكني بأسماء الصحابة و..و.. لا ينتشلنا مما نحن فيه، علينا أن نعي أن الدين هو حياتنا وليس أسماءنا وشكلنا فقط، وأن القرآن دستورنا ومرجعنا الذي يعالج مشاكلنا ويضع الحلول لنا إن عشنا به وفكرنا به، وليس خاصًا بزمن الأئمة الأربعة، فأين أنتم يا فقهاء عصرنا؟كفانا تقديساً لشروحات النص، يجب على مفكري أمتنا وعلمائها أن يقرؤوا القرآن بعقول عصرنا على أسس وثوابت عقيدتنا، ليكون لنا منهجَ حياة إسلاميا نعيشه بعيدًا عن النمط الغربي والُثُبات الفكري.نريد وجهاً جديداً لشيخ الإسلام ابن تيمية ينقذ الأمة من تسلط الغرب كما أُنقذت من غزو الشرق، نحتاج ربيعاً إسلامياً يبني أسس العلم والتقدم الإنساني لخدمة الإسلام، ويصب نتاجه الفكري والعلمي والإبداعي في قوالب عقيدتنا الإسلامية وثوابتها، إن أول ما نزل من الوحي “اقرأ” فعلينا ألا نبتلع ألسنتنا فلم تنتهي القراءة بعد.