محمد عبد الغني |
عندما تكونُ المرأة مقدّمة بالعزّة، وعزيزة بالإسلام، أمّـًا كانت أو أختًا أو زوجة، عندما نحفظ لها مكانتها، ونحترم رأيها ومشورتها..
هي التي عندما تفكّر تُشيّد القصور الخرِبة، وترمم البيوت البالية، وتقوّي الضعيف في وهنه، وتهدي الحائر إلى طريقه.. المرأة التي وصفناها بالكيد العظيم وتناسينا أو نسينا أن لكلِ شيءٍ ضدّ، أنّ هناك عالَم آخر وإمكانات كامنة تحتاج لمن يظهِرها ويراها بعين الرعاية.. هناك ضد هذا الكيد العظيم، دهاءً عظيمًا وحنكة بليغة..
في دراسة مشوّقة، وشائِكة، دسمة، وسلسة، مرصّعة بالدلائل، محلّاة بالسرد المُنمّق، بين جمال ربط المعنى، وحنكة توطيد الموقِف، وبراعة إسقاطه واستخلاص ما ينفع الأمة منه؛ نُبحِر في هذا العالم الآخر في حياة الشخصية التاريخية السيّدة مُلَيكَة بنت مِلحان “الرُّميصاء” في ظلال التربية النبوية، كيف كانت وكيف بدأت وكيف وقفت على أرضٍ صلدة وسط طوفان التغيير، كيث ثبتت رغم الانجرافات من حولها، كيف عايشت الفقد، وبما استقبلت الألم، وكيف رأت الأمل في قلوب العالمين قبل أعينهم.. كيف فكّرت وخططت، كيف درَست المواقف كلّها بعقل ملكةٍ محنّكة، وكيف علّمت ولدها ووضعته على طريق الحق بعقل أمٍ مربّية، وكيف ودّعته بقلبِ أمّ عطوف، وكيف ظهرت في ساحات الحرب بسواعدٍ قويّة كأسدٍ مغوار..
كيف يكون نجاح البيوت، ومادور النسوة في ثبات قوامها، كيف تكون المرأة الصالحة العاقلة عونًا لزوجها على الملمّات، وتؤَثِّر كذلك في ثباته فيها..
وأنت تُبحر بين طيّات الرميصات، تجد عِبرًا ومواقف، تعلم من خلالها كيف كان العباقرة بشرًا عاديين مثلنا، والعظماء كانوا يومًا يئنون على طريق الوصول، والشخصيّات التاريخية لم تولد تاريخيةً هكذا، ولكنّ مواقفهم هي التي سطّرت أسماءهم بل وحفرتها على جدران التاريخ فبقيت شواهدًا عليهم..
بين موقفٍ تعلمه وتحفظه، ودرسًا تعلّمته سابقًا، تقفُ منبهرًا بهذا الصنيع، ليس لأنك تقرأه لأول مرة –فكما قلت- ربما تحفظه على ظهر قلب، ولكن لأنك ولأول مرة تعرف أنها هي صاحبة المواقف المشهودة في السيرة.. وكيف لا وهي الرميصاء أم الصحابيّ الجليل أنس بن مالِك!
كتاب: الرُّميصاء
الكاتب: محمد حشمت
عدد الصفحات: 188
نشر عن دار المعرفة للنشر والتوزيع.
المصدر: الصفحة الرسمية للكاتب محمد عبد الغني