بعد ساعات فقط من إسقاط الطائرة العسكرية الروسية فوق سورية بدأت التفاصيل حول الجنود الروس الخمسة عشر الذين قُتلوا بالظهور على وسائل التواصل الاجتماعي، وأبدى الروس غضبهم وصدمتهم وحزنهم، ممَّا يعني تآكلاً في دعم الحرب غير المرغوبة شعبياً.
فيكتور كفاسنكوف 24 سنة أحد ضحايا صاروخ أرض جو الذي أطلقه نظام الأسد على طائرة الاستطلاع الروسية إيل 20 يوم الإثنين فمزّقها؛ هذا الصاروخ الذي زوّدت به موسكو نظام الأسد. وقيل إنه فيكتور هذا كان يخطط للزواج من صديقته يوليا عند عودته إلى روسيا، وكتب لها على موقع فكونتاكت أكبر موقع روسي للتواصل الاجتماعي: ” نحن سعداء الآن لكننا برغم كل شيء لا يمكن أن نعرف ما سيحدث غدًا”.
وجندي آخر هو الطيار كونستانتين نازاروف الذي أُرسِلَ حديثًا إلى سورية في رحلة جديدة لأداء الواجب، قال صديق له: “لقد كان مهووسًا بالطيران “وترك خلفه زوجة وبنتًا عمرها خمس سنوات، ويضيف الصديق قائلاً: “من سيشرح لابنته لماذا قُتِل والدها، لأجل السلام في سورية، أي سخافة هي هذه؟!”.
وأبدى آخرون صراحة أكبر، فكتب ديمتري أوليجوفيتش على مدونة فونتاكت المخصصة للحرب السورية: “لماذا نشارك في الحرب الأهلية السورية؟ نحن لا نخسر الكثير من المال فحسب لكن أبناءنا يموتون هناك أيضاً”.
قلّما استحسن الناس الحملة العسكرية الروسية على سورية التي بدأت منذ ثلاث سنوات، على العكس من الدعم المحلي الذي ناله ضمُّ جزيرة القرم من أوكرانيا سنة 2014 التي واكبها موجة من الوطنية. ورغم ذلك فإن إنفاق الكرملين المالي وليس الخسائر العسكرية هو ما أثار الاستياء، وقال وزير الدفاع الروسي إن روسيا لم تخسر سوى نحو 100 من أفراد قواتها المسلحة في الحرب السورية، في اختلاف سافر مع الحرب الشيشانية التي تجاوز عدد قتلاها 40000 من الجنود الروس.
وتقول المحللة السياسية يكترينا شولمان: “إن تناقص التأييد الشعبي للحرب لا علاقة له بتزايد الخسائر البشرية، وهذا قد يفاجئ الغربيين، فالسياسة الخارجية قائمة على استعادة أمجاد روسيا، لكن الحملة العسكرية في سورية يُنظَرُ إليها على نحو متزايد على أنها سبب لنفقات غير ضرورية”.
وهذا على وجه الخصوص صحيح مع ازدياد الغضب من خطط الحكومة لرفع سن التقاعد القومي من 55 إلى 60 لدى النساء ومن 60 إلى 65 للرجال، وتقول السيدة شولمان: “يسود مفهوم عام بأننا نملك ما يكفي من المال لخوض كل المغامرات العسكرية الأجنبية، لكننا لا نملك ما يكفي لشق الطرق أو للإنفاق على الرعاية الصحية أو صرف المعاشات”.
ويبقى ما تنفقه روسيا على الحرب السورية طي الكتمان كأحد أسرار الدولة، لكن المحللين يقولون: إن هذه النفقات ليست كبيرة بالنسبة إلى جيش حديث يخوض حربًا على بعد آلاف الأميال، وقدّر حزب يابلوكو المعارض في شهر آذار أنه تم إنفاق 2.7 مليار جنيه إسترليني على الحرب، وفي الوقت نفسه تحدث مركز مراقبة الأخبار الدفاعية ومقره في بريطانيا عن رقم مماثل، ويعدُّ هذا الرقم ضئيلاً مقارنة بما أنفقته روسيا على استضافة نهائيات كأس العالم هذا العام الذي بلغ 7.7 مليار جنيه إسترليني.
كاتب المقال: مارك بينيتس
الصحيفة: التايمز
رابط المقال الأصلي:
https://www.thetimes.co.uk/article/syrian-war-is-costing-us-too-much-say-russians-hbx8gm0cn