مهنةٌ من أكثر المهن التي يعتمد عليها السكان بدخلهم ومردودهم الاقتصادي، إنها الزراعة التي غالباً ما تكون المهنة الأساسية والمصدر الرئيس للعيش خاصة في ريف حلب الغربي الذي شهد في الفترة الأخيرة عدة تغيرات على الصعيد الزراعي كانت نتائجها سلباً على المزارعين، ومن أهم تلك التغيرات أو الأسباب:
تفاوت سعر الدولار من ارتفاع وانخفاض:
حيث يعد هذا السبب من أهم الأسباب المؤدية لخسارة المزارع، فمن المعروف أن كافة المواد الزراعية أو المبيدات يقاس سعرها بالدولار، وسبب ذلك هو تدهور العملة السورية خلال الحرب الدائرة، يقول أحد المزارعين (أبو خالد) 46عاماً معبراً عن سوء أحوال المزارعين وما يعانونه: “إن أردنا الذهاب لشراء المبيدات وغيرها من الأسمدة يقاس سعرها بالدولار وهذا يضرُّ بنا، فإن أردنا بيع نتاجنا من المحاصيل فيقاس بالعملة السورية.”، أبو خالد أوصل لنا فكرة أنه إذا ارتفع سعر الدولار زاد الأمر سوءاً، وإذا انخفض سعره يلعب التجار لعبتهم برفع الأسعار حسب رغباتهم.
مشكلة الاستيراد والتصدير:
إن مدى تأثير هذه المشكلة سلباً على الزراعة هو حجم الصراعات الموجودة في كل منطقة، فريقنا أجرى عدة مناقشات مع كبار المزارعين بهذا الأمر، حيث أفادنا (محسن العميري) 56عاماً أحد المزارعين الكبار في بلدة (الجينة) بريف حلب الغربي: “عندما يحين وقت الحصاد وجني المحاصيل، تبدأ معركة ما في إحدى المناطق التي يكون التصدير إليها وجهة للمزارعين، وبالتالي يتم قطع كافة الطرقات المؤدية للمنطقة التي يدور فيها الصراع، فينتج لدى المزارعين عدم تصدير محاصيلهم لمثل تلك المناطق وانحصارها بمنطقة واحدة، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار تلك المحاصيل.”
كما أجرينا عدة استفسارات عن أكثر المحاصيل خسارة في الفترة الأخيرة، فكان الرد هو مادة “الثوم” ، فمحصول الثوم في السنة الماضية جلب لكثير من المزارعين الربح الكثير وذلك بسبب تصريف كافة المحصول لمناطق حماة وحلب المدينة وغيرها، أما بالنسبة إلى هذه السنة فقد انخفض سعر الثوم لأكثر من المتوقع، حسب الإحصائية التي أجريناها فإن سعر الكيلو غرام الواحد منه لسنة 2016 ألف ليرة سورية، أما سنة 2017 فقد كان سعر الكيلو الواحد خمسا وعشرين ليرة سورية، فهناك تفاوت كبير بين الأسعار، ما انقلب سلباً على المزارعين.
جودة المواد ومصداقية التجار:
هذا السبب لا يقل أهمية عن سابقيه، فقد أدى بيع السلع المغشوشة (المواد الخام) كالمبيدات الحشرية والأسمدة وغيرها إلى كثير من الأضرار التي لحقت بالزراعة أولاً وبالمزارع ثانياً.
رغم كل تلك المعاناة التي تتدافع على نوعية المزروعات وعائدات الزراعة الاقتصادية لا يمكن لأحد أن ينكر أهمية الزراعة ودورها في دعم الاقتصاد، ويمكننا القول: إنها العمود الاقتصادي الأهم والأكثر صلابة في اقتصاديات الحرب السورية، لذلك فالاهتمام بها يعتبر أولوية اجتماعية واقتصادية.