تقرير محمد ضياء أرمنازيلم يتوفر السلاح النوعي عند الثوار منذ بداية الثورة المسلحة، فقد كان قليلاً جداً كمًّا ونوعًا مقارنةً بما يملكه النظام الأسدي من ترسانة عسكرية هائلة من مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة، ولا يخفى على أحد أنَّ الثوار عانوا دائماً وما زالوا يعانون من قلة السلاح خاصة النوعي منه، إلى أن ظهرت الصناعة العسكرية المحلية البسيطة نسبياً في معظم المناطق المحررة، وقد كان المحفز الرئيسي لهذه الصناعة المحلية المثل القائل: الحاجة أم الاختراع.فقد عمل الثوار على تصنيع بعض أنواع الأسلحة، كصناعة القنابل اليدوية ذات الفتيل أو النابض، وصناعة الهاونات بمختلف العيارات مع قذائفها المتفجرة، وأيضاً صناعة المدافع كمدفع جهنم قاذف الجرر المتفجرة، وبعض الصواريخ القصيرة المدى ذات التدمير الكبير، وقاموا بإعادة تعبئة بعض أنواع الفوارغ من طلقات الرشاشات وبعض مدافع ” م ط 23م”لكن هل كان لهذا السلاح المحلي التأثير الكبير على مجريات المعركة، أم كان عبارة عن بديل فقط عن السلاح الروسي غير المتوفر والغالي الثمن؟يقول أبو عبدو طبية صاحب ورشة تصنيع سلاح في حلب المحررة:”قمنا بتصنيع مواد بديلة عن البارود باستخدام المواد المتوفرة في مناطقنا المحررة، وبطريقة الخلط البدائية (الطبخ) وكانت فعاليتها جيدة نسبياً لكنَّها تتأثر بالرطوبة، وقد استخدمناها في حشو جميع أنواع القنابل والقذائف.من ميزات القنبلة المحلية ذات الفتيل أو النابض أنَّها أرخص ثمناً من القنبلة الروسية بنسبة كبيرة، وقد تضاهي القنبلة الروسية في قوة الانفجار، ويمكننا التحكم بوقت انفجارها، أمَّا بالنسبة إلى قذائف الهاون فهي جيدة نسبياً وتستخدم بكثرة في معاركنا ولا يمكن الاستغناء عنها بسبب رخص ثمنها أيضاً، وقد صنَّعنا ألغاما أرضية ضد الأفراد وأخرى ضد الدبابات، لكنَّها سلكية وهي بحاجة إلى من يراقب الهدف ويصل السلك إلى البطارية”هناك عوائق كثيرة تقف أمام تطور الصناعة العسكرية المحلية أولها: عدم توحد الفصائل تشكيلا وعملا فيما بينها وتبادل الخبرات، لتشكيل المصانع الكبيرة لتستفيد منها جميع الفصائل العسكرية، وهناك أيضاً العائق المادي: فلا يوجد تمويل جاد أو دعم لمثل هذه المشاريع المهمة في المناطق المحررة.يقوم كل فصيل بتصنيع بعض أنواع الأسلحة منفرداً، ويحتفظ بالسلاح وبأسرار تصنيعه لنفسه فقط!لكن لماذا لم تتطور الصناعة العسكرية المحلية كما تطورت الصناعة العسكرية عند كتائب عز الدين القسام في غزة المحاصرة من جميع الجهات؟لقد وصلت الصناعة المحلية الغزاوية إلى مرحلة متطورة نسبياً على الرغم من الحصار الإسرائيلي والمصري، وبدأت الصناعة الغزاوية بتصنيع الصواريخ ذات المدى القصير، وتطورت خلال عدة مراحل مختلفة ولم تتوقف كتائب القسام عن تطوير الصواريخ، حيث أعلنت في عام 2004 عن صناعة صاروخ (آر160 ) الذي يصل مداه إلى 150 كم برأس حربي متفجر يزن 175 كغ, وأيضاً قاذف الياسين المضاد للدروع وقاذف البتار الذي لا يحتاج لوجود العنصر البشري إلى إطلاقه، وبندقية القنص (غول)، وأخيراً لا آخراً طائرات الأبابيل التي صممت لمهام الاستطلاع وأخرى هجومية منها:A1A ذات مهام استطلاعية.A1B ذات مهام هجومية إلقاء.A1C ذات مهام هجومية انتحارية.لكن السؤال: أين نحن من هذه الصناعة الحديثة التي تتغلب فيها دقة الإصابة وبعد المدى على قوة الانفجار؟!لا شكَّ أنَّنا قمنا بتصنيع كثير من الأسلحة المحلية وقد أفادت الثوار كثيراً في المعارك وأوقفت تقدم النظام في مناطق أخرى، لكنَّنا إلى اليوم نفتقد إلى السلاح الدقيق في الإصابة والبعيد المدى.لكن لماذا قلَّدنا النظام في تصنيع القنابل الثقيلة “الغبية” التي تشبه إلى حد كبير (البرميل المتفجر أو صاروخ الفيل) بمداه القصير وانفجاره الكبير دون دقة الإصابة في تحقيق الهدف؟ولماذا لا تكون خلطة المواد المتفجرة بيد خبير كيميائي متخصص؟!اليوم نحن بحاجة إلى ثورة على طرق التصنيع الخاطئة وتصحيح مسار الصناعة المحلية، ليكون عندنا مصانع حديثة تعمل على تطوير السلاح النوعي المهم، استغلال الخبرات والكفاءات العلمية الموجودة بالتعاون مع الضباط الشرفاء المنشقين عن النظام، لنصل إلى صناعة محلية نوعية جديدة تواكب التطور الذي طرأ على أرض المعركة، ولنستغني شيئا فشيئاً عن السلاح النوعي الحديث المرتبط بخيوط التوجيه العنكبوتية اللزجة، ونبتعد به عن جميع الأشراك الحريرية والوسائد المخملية.