في ظل استمرار الثورة السورية، وبعد أكثر من عامين على تحرير محافظة إدلب وريفها ومناطق أخرى في الشمال السوري، بدأت ملامح بعض الظواهر السلبية بالظهور بين أوساط المدنيين، ولعل من أبرز ما يجدر الحديث عنه لخطورته هو الانتشار الواسع للسلاح الفردي بيد المدنيين عموما وبيد الأطفال دون سن الثامنة عشرة على وجه الخصوص، حيث سببت هذه الظاهرة أزمة حقيقية ذات عواقب وخيمة ترتقي في بعض الأحيان إلى القتل غير المتعمد والمتعمد في أحيان أخرى، حيث أصبح تكرار حوادث القتل أمراً مألوفاً واعتياديا، فلا بد أن تسمع بين الحين والآخر عن حادثة هنا وأخرى هناك، وكل ذلك سببه الانتشار الواسع للسلاح بيد المدنيين، الأمر الذي سهل حدوث الجريمة، فهو الوسيلة التي يلجأ إليها بعضهم لحل النزاعات، أو للتعبير عن حالة فرح بمناسبة اجتماعية معينة كالزفاف، ومناسبة حزن كتشييع الشهداء.
لا بد من عدم تجاهل الأسباب الرئيسة التي ساهمت في اتساع هذه الظاهرة، حيث يتقدم هذه الأسباب الانتشار الكبير لمحلات تجارة السلاح في المناطق المحررة، خصوصا بعد سيطرة المعارضة على مدينة إدلب وريفها، فلا تكاد تخلو بلدة في ريف إدلب المحرر من محلات لبيع الأسلحة الفردية بكافة أنواعها ابتداء من المسدس إلى الرشاش مرورا ببندقية الكلاشنكوف والقنابل اليدوية، وتبلغ قيمة السلاح ما بين 150إلى 500 دولار للقطعة الواحدة.
ويعتبر غياب الأجهزة الأمنية سببا مهما في انتشار هذه الظاهرة السلبية، حيث تفتقر المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة لوجود جهاز أمني متكامل متخصص في ملاحقة ومتابعة مثل هذه الأحداث، ومراقبة وحماية الممتلكات العامة والخاصة من حالات السرقة والاعتداء، وتحقيق الأمن والاستقرار بين المدنيين.
“حيان المحمد ” أحد سكان جبل شحشبو بريف حماة الغربي في حديثه لصحيفة حبر عن هذه الظاهرة، قال: “كانت حالات القتل بالسلاح نادرة في السابق، أما الآن فنواجه مشكلة غاية في الخطورة وهي الحالات المتكررة للقتل في بعض المشاجرات والاحتفالات، حيث يُطلق عدد كبير من الذخائر على يد البعض الذين لم يتقنوا استخدام السلاح بشكل جيد.”
وأضاف المحمد ” الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل يزداد خطورة عندما يُستخدم هذا السلاح في عمليات خطف وسرقة واعتداء على أملاك المدنيين دون أي رقابة.
ومع تفاقم هذه الأزمة يوما بعد آخر لا بد من وضع حد لهذه الظاهرة، وربما تتلخص في وضع قوانين تحمِّل المحال التجارية مسؤولية بيع السلاح للمدنيين غير المقاتلين ضمن التشكيلات العسكرية، ويكون ذلك بتكليف رسمي من القائد للتشكيل أو أحد المسؤولين، وللأطفال دون سن الثامنة عشرة, بالإضافة إلى قوانين أخرى تجرِّم أي شخص يُضبط بيده سلاح فردي في غير مكانه المناسب، كما تمنع أيضاٌ إطلاق النار في المناسبات الاجتماعية، وضبط المشاجرات التي يلجأ بعض المدنيين فيها لاستخدام قوة السلاح لأغراض وغايات شخصية، ولا ننسى أيضاٌ الدور المهم للجهات المعنية في إقامة لقاءات ودورات توعوية لترسيخ المعنى المراد من حمل السلاح وكيفية التعامل الإيجابي معه.