يوم 24 حزيران الجاري ستكون تركيا أمام مفترق طرق يصعب معرفتها في حال حققت المعارضة فوزًا طال غيابه، إذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تنظيم الانتخابات المبكرة قبل سنة وخمسة أشهر من موعدها المقرر، وكان هذا القرار مباغتاً لأحزاب المعارضة، ولا شك أن ما يريده الرئيس التركي من هذا التعجيل السيطرة الاقتصادية التامة على البلد وإنهاء حالة (اللا استقرار الاقتصادي) التي تداهم الليرة التركية، و استثمار عملياته العسكرية الناجحة في سورية التي كان آخرها عملية (غصن الزيتون) في عفرين، وتأمين كل الحدود مع سورية.
تتميز الانتخابات التركية هذه المرة بمنح الرئيس الفائز مزيدًا من السلطات سيتم التحدث عنها قبل أسبوع من الموعد المقرر للانتخاب بحسب ما صرح المسؤولون الأتراك، كما أنها ستتزامن مع انتخابات برلمانية. ينافس الرئيس التركي “أردوغان” فيها خمسة مرشحين يقودون أحزابًا مختلفة لكل واحد منها توجهاته السياسة الخاصة به.
لكن ما يدعو التوقف عنده ظهور ملف السوريين على ألسن المتنافسين في كل مرة تحدث فيها انتخابات في تركيا، إذ نشاهد ونسمع في كل لقاء جماهيري يجريه المرشحون في دعاياتهم الانتخابية أمام الحشود الجماهيرية ظهور ملف السوريين والحديث فيه أمام الجمهور لكسب أصواتهم، فأحزاب المعارضة كعادتها انتهجت سياسة رافضة لاستقبال اللاجئين السوريين لكسب أصوات انتخابية واستثارة المعارضين من الشعب التركي لاستضافة السوريين في تركيا معتبرين أنهم عالة على المجتمع التركي واقتصاده، في حين لا تخفى سياسة حزب العدالة والتنمية في احتضانها للاجئين السوريين، ففي فوز الرئيس “رجب طيب أردوغان” سيستمر الحزب في سياسته المتبعة حيال ملف السوريين في احترام إرادتهم والدفاع عن قضيتهم وهذا ما أكده في لقاءاته الجماهيرية وفي معرض رده على معارضيه، أما بفوز المعارضة فستعود العلاقات بين النظامين ويُرحل السوريون إلى بلادهم، وهذا ما تعهدت به “ميرال أكشنار” رئيسة حزب iyi قائلة: “أعدكم أن يتناول السوريون الموجودون في تركيا الإفطار في شهر رمضان 2019 مع إخوانهم بسورية”، متهِمةً الرئيس الحالي بانتهاج سياسات خاطئة ضاعفت أعداد اللاجئين السوريين، ومعتبرة أن وجود اللاجئين السوريين في تركيا ترك أثراً سلبياً على اقتصاد البلاد، وكلام مرشح حزب الشعب الجمهوري “محرم إينجه” يدور في الفلك نفسه، علمًا أن السوريين في تركيا دعموا الاقتصاد في البلاد بمقدار 10 مليارات دولار أمريكي منذ بداية الحرب السورية، وهذا ما أكدته صحيفة “دايلي ميل” البريطانية، كما أشارت منصة الاقتصاديين إلى أن المستثمرين السوريين استثمروا أكثر من 360 مليون دولار في تركيا من خلال مساهمتهم في الاقتصاد خلال السنوات الست الماضية، حيث بلغ عدد الشركات التي تم تأسيسها بشراكة السوريين في عام 2016 نحو 1800 شركة، ونحو 2000 شركة العام الماضي. وذكر التقرير أن مساهمة السوريين في الاقتصاد التركي عام 2014 بلغت 90 مليون دولار، و84 مليون دولار في 2015، و80 مليون دولار في 2016، فضلاً عن نحو 90 مليون دولار عام 2017.
وأضاف التقرير أن الشركات السورية في تركيا تشكل 14% من إجمالي رأس المال الأجنبي في تركيا بين عامي 2011 و2017، إذ بلغ عدد الشركات السورية 6 آلاف و322 شركة. وقد حصل نحو 21 ألف سوري على أذون عمل بنسبة 24 % من مجمل ما منحته وزارة العمل والضمان الاجتماعي.
الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 24 حزيران الجاري ستكون حاسمة للقضية السورية بشكل عام وليست خاصة بوجود اللاجئين في تركيا وحسب، فما نسمعه في الحملة الانتخابية للمرشحين التي انطلقت أول الشهر الجاري يُنبئ بأشياء سلبية وإيجابية ستتكشف بحسب فوز أحد القطبين المتنافسين على الرئاسة والبرلمان، وهو ما سنرى بوادره عُقب صدور نتائج هذه الانتخابات التي تعدُّ تاريخية في تركيا.