لا بد لكل جسم ناشئ من أن يكون له أعضاء متناسقة ، يعرف كلٌ منها عمله بدقة ، حتى يستطيع هذا الجسم أن يكمل طريقه الذي وجد من أجله، والثورة السورية منذ بدايتها وهي تبحث عن هذا الجسد الواحد، فتراها ممزقة الأعضاء، فيد تصفق ، وأخرى تبطش ، ورجل ترقص وغيرها تحارب ، والرأس ضائع بين رصاص المجاهدين ، وثرثرة النشطاء، وخطابات السياسيين، وغيرها من التشكيلات والتجمعات والنقابات التي لا حصر لعددها ولا نهاية لأشكالها ومظاهرها .وإن هذا على قدر نفعه للثورة في بداياتها، فلم يتمكن أحد من الاستئثار بها وتوجيهها، أضر بها أضعافاً اليوم، فظهرت كجسم هزيل غير متماسك، بينما يظهر النظام على فساده كجسم متناسق موحد في قراراته وأفعاله .لا اريد ان أكون وصياً على الثورة فأقول ما يجب عليها وما لا يجب، ولكن الحرب اليوم تتطور على مختلف الجبهات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وإذا لم نتحرك بصدق لإعطاء كل منا دوره ضمن تفاهمات مرحلية نستطيع من خلالها عبور هذه المرحلة فسنبقى غارقين بها حتى يفرض على كلٍ منا في موقعه شروط الهزيمة التي تناسبه . فيبيع السياسي البلاد ليمتلك سلطة القرار، ويبيعها الاقتصادي ليمتلك سلطة الإعمار، ويبيعها العسكري ليمتلك سلطة الدمار، ويبيعها الآخرون ليعيشوا على فتات اليورو والدولار .في ما أذكره ليس نكتة للضحك بل هي حقيقة باتت تلوح في الأفق ، إن لم نعطي لكلٍ منا دوره، دعونا نجلس جميعاً على طاولة واحدة واضعين التفاهم نصب أعيننا، دون شروط واملاءات مسبقة، فنحن أصحاب قضية واحدة لن تنتصر إلا بوجودنا معاً، وذلك قبل أن نضطر للجلوس فرادى على طاولات التفاوض المذلة ، من أجل بعض حياة لن تدوم لنا ولن تبقى لأولادنا . المدير العام / أحمد وديع العبسي