عبد الحميد حاج محمد |
يواجه الصحفيون السوريون خطورات ومصاعب شتى حتى ينقلوا صورة الواقع إلى العالم الخارجي، ولعل أكثر هؤلاء الصحفيين صحفيو الثورة أو قاطني الشمال المحرر الذي يعانون صعوبات كثيرة وصفها الصحفي (قتيبة الحسين) بأنها “أصعب من الصعوبات التي تواجه المقاتل؛ لأن المقاتل مركز باتجاه معين أما الصحفي فينقل لنا صورة هذا المقاتل ويكون معه جنبًا إلى جنب.”
حارب نظام الأسد الإعلاميين والصحفيين منذ أول صرخة حرية في أشهرها الأولى وقيد عملهم واعتقل بعضهم دون رقيب أو حسيب، الصحفية (عفاف جقمور) تقول: “إن الصحافة عند النظام مقيدة رغم وجود جهة قضائية محاسبة، إلا أنه لا يوجد هناك حرية للصحفي.”
لم يكتفِ الإعلاميون بأن النظام وحده من حاربهم، بل كان هناك جهات عديدة ضيَّعت عمل الإعلاميين واشترطت عليهم وزادت في معاناتهم بنقل الوقائع والأحداث، لكن تأثير النظام على الصحفيين أكبر تأثيرًا كونه أكثر من قتل من الصحفيين وأكثر من عانى منه الصحفيون.
الإعلام في الشمال المحرر انتشر بشكل كبير وازداد عدد الصحفيين وخصوصًا بعد حملة التهجير القسري الذي شنته قوات النظام ما أدى إلى ارتفاع عدد الصحفيين في الشمال المحرر، وقد تعرض البعض منهم لمضايقات واعتداءات عليهم.
تقول الجقمور: “يوجد هامش من الحرية في الشمال المحرر للتعبير ويوجد خطر القصف وعدم وجود قواعد تضمن سلامة الصحفي، وبالمقابل لا توجد قوانين تعاقب المسيء ما أدى إلى لخلق صعوبات في المجال الإعلامي، ولا يوجد رسالة واضحة يتم توجيهها من كل أبناء الثورة. نستطيع أن نقول: بالمحرر يتم تفاضل الآراء حسب قوة الوسيلة.”
لا يوجد بالشمال المحرر أي جهة رسمية تحمي الصحفيين وتحفظ حقوقهم وتكون سندًا لهم أمام الصعوبات التي يواجهونها، إلا أن ريف حلب الشمالي شهد ظهور اتحاد إعلامي يحمي من انتسب إليه، ومع ذلك بقيت حالات التجاوزات من بعض الجهات ضد الإعلاميين، في حين كانت إدلب وريفها وباقي إعلاميي المحرر دون اتحاد أو نقابة تضمهم.
الناشط الإعلامي (براء الرزوق) تحدث لنا قائلاً: “أي صحفي يتعرض لمخاطر كبيرة تبدأ من الاعتقال التي تنفذها جهات عديدة، والاستهداف المباشر للطواقم الإعلامية بشكل مباشر ومتعمد من قبل النظام، ومن أجل هذه التجاوزات يجب أن يكون هناك جهة تمثل الإعلاميين، ويجب أن يكون هناك رعاية من الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية لأن النظام لا يراعي القانون الدولي.”
الخاسر الأكبر هو الإعلام الثوري، فرغم تضييق النظام على عمل الإعلام إلا أنه يتغاضى عن الشبكات الإعلامي والحيادية، وبالمقابل يبطش بالإعلام الثوري كونه ينقل وقائع وحقائق ارتكبها النظام وساهم في توثيق جرائم النظام ونقل صورة ما يحدث في سورية، ويقول الحسين بما يخص الإعلام الثوري والحيادي: “إن الإعلام الحيادي ينقل الصورة كما هي، أما الثوري فهو الذي ينقل قضيتنا، فهناك فارق بين من يعمل مع شبكة أو موقع مأجور حيادي، وبين من يعمل على نقل وقائع ثورته وباعتقادي أن الإعلام الثوري أفضل من الحيادي.”
شهدت الفترة الأخيرة خسائر كبيرة تعرض لها الإعلاميون، منها فقدان زملاء لهم سواء كان بحالات قصف النظام كما حصل مع الإعلامي (أمجد باكير) حيث قتل بقصف قوات النظام قبل فترة، أو باستهداف مباشر للكوادر الإنسانية حيث قُتل الناشط الإعلامي (أنس دياب) إعلامي في الدفاع المدني أو استهداف الإعلاميين بالعبوات واغتيالهم كما حصل مع الإعلامي (عمر الدمشقي) حيث قُتل بعد استهداف سيارته بعبوة لاصقة في مدينة سرمدا قبل فترة وجيزة.
يبقى الصحفيون يعيشون في خطر تام رغم الجهد الذي يبذلونه في نقل الصورة وتقديمها للخارج دون مساعٍ من الجهات المختصة في الداخل والخارج في تأمين عمل الصحفيين وتقديم الحماية لهم والحفاظ على حقوقهم.