إعداد: الصاحب الحلبي(إنك لمن المرسلين. على صراط مستقيم) يس 3-4يبين القرآن الكريم طبيعة رسالة الإسلام، بعد بيان حقيقة الرسول. وطبيعة هذه الرسالة الاستقامة. فهي قائمة كحد السيف لا عوج فيها ولا انحراف، ولا التواء فيها ولا ميل. الحق فيها واضح لا غموض فيه ولا التباس. ولا يميل مع هوى ولا ينحرف مع مصلحة. يجده من يطلبه في يسر وفي دقة وفي خلوص.وهي لاستقامتها بسيطة لا تعقيد فيها ولا لف ولا دوران. لا تعقد الأمور ولا توقع في إشكالات من القضايا والتصورات والأشكال الجدلية. وإنما تصدع بالحق في أبسط صورة من صوره، وأعراها عن الشوائب والأخلاط، وأغناها عن الشرح، وتفصيص العبارات وتوليد الكلمات، والدخول بالمعاني في الدروب والمنحنيات! يمكن أن يعيش بها ومعها البادي والحاضر، والأمي والعالم، وساكن الكوخ وساكن العمارة؛ ويجد فيها كل حاجته؛ ويدرك منها ما تستقيم به حياته ونظامه وروابطه في يسر ولين.وهي مستقيمة مع فطرة الكون وناموس الوجود، وطبيعة الأشياء والأحياء حول الإنسان، فلا تصدم طبائع الأشياء، ولا تكلف الإنسان أن يصدمها، إنما هي مستقيمة على نهجها، متناسقة معها، متعاونة كذلك مع سائر القوانين التي تحكم هذا الوجود وما فيه ومن فيه.وهي من ثم مستقيمة على الطريق إلى الله، واصلة إليه موصلة به، لا يخشى تابعها أن يضل عن خالقه، ولا أن يلتوي عن الطريق إليه. فهو سالك درباً مستقيماً واصلاً ينتهي به إلى رضوان الخالق العظيم.والقرآن هو دليل هذا الصراط المستقيم. وحيثما سار الإنسان معه وجد هذه الاستقامة في تصويره للحق، وفي التوجيه إليه، وفي أحكامه الفاصلة في القيم، ووضع كل قيمة في موضعها الدقيق.