تحقيق : فارس الحلبيخبرات كثيرة غادرت سورية إلى بلاد أخرى وهجرتها، ممَّا اضطر العديد من الناس أن يعملوا في غير مجالهم ويقتحموا ساحات عمل لم يتوقعوا الولوج إليها قبل اندلاع الثورة، فالحاجة أم الاختراع كما يقال.لكن أن تكون الحاجة مبررا لاختراع أمور ما أنزل الله بها من سلطان هنا تكمن الطامَّة الكبرى، فطفل يبيع دواءً تسبب بحالة وفاة في حي السكري هو أمرٌ لا يفهم على أنَّه نقص كوادر، إنَّما يحمل في طياته العديد من إشارات الاستفهام.عدد كبير من الناس استغل نقص الدواء في المناطق المحررة، فبات يتاجر بالأدوية خاصة النادرة منها، ولكن من هي الهيئات التي تراقب وتضبط هذا الأمر؟ أين دور المجالس والهيئات الطبية المشكلة؟الأسئلة برسم من تولوا أمور الناس دون وازع ضمير وحس مسؤولية،حيث حدثنا طبيب الأطفال في مدينة حلب المحررة “أبو عبد الله” عن الحالات التي وردت إليه قائلا:”وردت إلينا بعض حالات التسمم بشراب مضاد للسعال، أجرينا تعميمًا على هذا الدواء لسحبه من الصيدليات فتم ذلك، ولا نزال نعاني من بعض الأخطاء الطبية من بعض الممرضين، والعمل العشوائي في بعض الصيدليات، وتوزيع الأدوية غير المراقبة بشكل عشوائي، وهذا الأمر ينعكس سلباً على حياة المرضى والناس، لذا يجب أن يتم إجراء مراقبة دورية لهذه الصيدليات بأن يتم صرف الدواء بشكل علمي ومراقب بشكل صحيح، فمثلا وردت إلينا حالة خطيرة لطفلة عمرها 15 يوما بسبب إعطائها حقنة عضلية بشكل خاطئ تسببت بتسمم دوائي أدى إلى دخولها قسم العناية المشددة لفترة يومين، ثمَّ الحمد لله تحسنت الحالة وشفيت وهذا نتيجة خطأ طبي عشوائي غير علمي كاد أن يودي بحياة الطفلة.وعندما تحدثنا إلى ” أبو علي” وهو صيدلي أكاديمي قال: “نطالب بتشكيل لجنة لفحص الصيدليين”وأضاف: “أحيانا نرى أطفالا داخل الصيدليات يصرفون الدواء بشكل عشوائي دون أي علم، يجب أن تكون هناك لجنة لفحص القائمين بعمل الصيدلي، ويجب ألَّا يُصرف أي دواء بشكل عشوائي إلَّا بموجب وصفة طبية من قبل طبيب أو مستوصف معتمد، بالنسبة إلى الأسعار هناك تفاوت كبير بين صيدلية وأخرى، فثمَّة أرباح فاحشة، وهناك أمر مهم هو الأصناف المخدرة الممنوعة التي تباع دون وصفات طبية، فهذه تتطلب المعالجة بشكل سريع، ووجود الأطفال في الصيدليات وصرفهم الدواء تسبب بعدة حالات وفاة، وخصوصاً ضرب الإبرة داخل الصيدلية والأفضل أن يوجه الصيدلي المريض إلى الممرض”.وقد التقينا “عماد أبو اليمان” أحد الفنيين الصيدليين الذين يعملون بحلب المحررة الذي حدثنا عن هذا الأمر بقوله:”عملتُ أكثر من 13 عام في صيدليات عديدة حتى تمكنت من افتتاح هذه الصيدلية، وللأسف سمعنا عن حالات تسمم أدت إلى الوفاة آخرها في إحدى صيدليات حي السكري نتيجة إعطاء دواء خاطئ تسبب بمقتل طفل، فالأشخاص العاملون في الصيدليات العشوائية ليسوا جديرين بصرف الدواء، وأحياناً هناك أدوية تعطى دون وصفة طبيب.نتمنى ونناشد جميع الهيئات على تشكيل نقابة للصيدليين، ووضع مراقبين على الصيدليات للحد من الصيدليات العشوائية وامتحان خبرة كل من يعمل بالصيدليات بإقامة سبر للمعلومات الخاصة بصرف الدواء لأنَّه إذا استمر الوضع هكذا سيكون إجرامًا بحق المرضى، فهناك أكثر من خمس صيدليات الذين يصرفون الدواء فيها هم أطفال”.وللبحث أكثر حول موضوع الصيدليات العشوائية توجهنا إلى مدير صحة حلب الدكتور “ياسر درويش” فقال:”لا يوجد في المناطق المحررة إلى الآن الكفاءات المطلوبة لرعاية مثل هذه الأمور، فمن المعلوم لديكم هجرة أعداد كبيرة من الصيدليين أثناء الثورة، وحاليا عدد الصيادلة الموجودين في حلب المحررة قليل جداً لا يشكل فريقا يمكن الاعتماد عليه في هذه الناحية، والنسبة إلى هذا الموضوع قمنا بالتنسيق مع المجالس والهيئات الموجودة على الأرض منها الهيئات الطبية العاملة إضافة إلى الهيئة الشرعية سابقاً ومجلس المحافظة وذلك للحد من العشوائية في بيع الدواء وانتشار الصيدليات العشوائية، أمَّا بالنسبة إلى الموضوع المتعلق بوجود مخابر تستطيع أن تأمن التحليل المهمة لكشف سلامة الأدوية والأغذية فلا يوجد إطلاقاً مخابر من هذا النوع.وأخيرًا .. يبقى ملف الصيدليات التي تحولت إلى دكاكين ( سمانة ) في قائمة المشاكل التي تعاني منها مدينة حلب، منتظرين من الجهات المعنية أن تضع حلا لها.