عبد الملك قرة محمد
إنَّ العملية التربوية والتعليمية ركيزةٌ أساسية في قيام الدول وازدهارها، لذلك فإنَّ الاهتمام بالمراحل التعليمية ضرورةٌ يتطلّبها واقع الحرب في أي بلد لمَا للتعليم من دورٍ مؤثر داخل المجتمع الذي يعاني أبناؤه من ويلات الدمار والنزوح والتهجير القسري، وفي ظلِّ الظروف الصعبة التي تعاني منها معظم فئات المجتمع السوري التي أدَّت إلى ابتعاد أعداد كبيرة من المعلمين والمتعلمين عن الحياة العلمية نتيجة الهجرة إلى خارج البلاد أو التحاق معظمهم بمهن متنوعة بغية تأمين لقمة العيش، ورغم كلِّ تلك الصعاب ما يزال الواقع التعليمي في المناطق المحررة يشهد تطوراً مستمراً، ويزداد انتشاراً ومهنيةً عاماً بعد عام، خاصة بعد افتتاح جامعتي حلب وإدلب اللتان أكسبتا الامتحانات الثانوية أهمية كبرى، ودفعتا بأعداد كبيرة من الطلاب للابتعاد عن المؤسسات التعليمية التي يقودها نظام الأسد بسياسته التعسفية المرتكزة على التحيز والمحسوبيات والتقدم لامتحان الشهادة الثانوية الذي تشرف عليه المؤسسات الثورية، والذي لقي قبولاً واسعاً نتيجة نجاحه في السنوات الخمس الماضية.
تعدُّ امتحانات الشهادة الثانوية بوابة الطلاب السوريين لدخول الجامعات لاسيما بعد إحداث كليات جديدة تلبي رغبات معظم الطلاب الراغبين بإكمال دراستهم في المناطق المحررة ورغم النزوح وتهجير أعداد كبيرة من السكان وانحسار العمل الثوري وتضييق مناطقه، إلا أنَّ الأعداد المتقدمة لهذه الامتحانات كانت جيدة وتعكس الإصرار والإرادة اللتان يتحلى بهما الطالب السوري، حيث بلغ عدد الطلاب المتقدمين لامتحان الشهادة الثانوية في الريف الغربي والجنوبي 3028 طالباً موزعين على مراكز(الأتارب – دارة عزة – سمعان غربية – الأتارب – سمعان شرقية – الحص – تل الضمان) في حين بلغ عدد المتقدمين في ريف حلب الشمالي 1649 طالباً موزعين على مراكز (عندان – اعزاز – تل رفعت – مارع – اخترين – الباب – منبج) ليصبح العدد الكلي للمتقدمين لامتحان الشهادة الثانوية عام 2017 في أرياف حلب 4677 طالباً.
(عمر) هو طالب في الشهادة الثانوية يحلم بتحقيق حلمه في دخول كلية الطب يقول: “لأنَّ نتيجتي في العلم الماضي لم تمكنني من التسجيل في اختصاص الطب البشري، اضطررت هذا العام لإعادة المحاولة، ويبقى الأمل بأن أُحقق ما أصبو إليه، وقد لاحظت تطوراً ملحوظاً عن العام السابق بالنسبة إلى المعايير العلمية و التقنية وضبط الطلاب داخل قاعات الامتحان، لكن الأمر لا يخلو من بعض المشكلات التي يفرضها الواقع الحالي، ففي مركز امتحاني حاول أحد الطلاب الاعتداء على المدرسين لإجبارهم على السماح له بالغش داخل القاعة، لكن مديرية التربية بالاستعانة بمراكز الشرطة الحرة استطاعت ضبط الموقف بعد أن استعان الطالب بعدد من أفراد كتيبته.”
ويؤكد (عبد الإله) إصراره على تحقيق النجاح وثقته الكبيرة بالمؤسسات التعليمية الثورية، ويطمح لإكمال دراسته في الجامعة أو بأحد المعاهد المتوسطة لإعداد المدرسين.
أحلام كبيرة تنمو في عقول الشباب السوري الواعد يترجمها إقبالهم على التعليم ورغبتهم في بناء الوطن، لكن هذه الأحلام والقدرات الشبابية تحتاج اهتماماً خاصاً كي يستطيع هذا الجيل تجاوز ما أصاب التعليم السوري من نكبات ويسير بخطاه الثابتة نحو المستقبل…. مستقبل الأمل.