ما بين حبّ الحياة والخوف منها نجد من قصة طفل سبباً يدفعنا للاستمرار، فقد نكون عاجزين عندما نتأمل صراع هذا الطفل لإتمام رحلة حياته متجاهلاً إعاقته.
(محمد علي) ترعرع في كنف عائلته بحب وحنان واهتمام، وكان الطفل الشقي المتفائل الذكي، محمد علي لا يستطيع رؤية الناس ومن حوله بسبب فقْد بصره وقسم من الأمعاء جراء مخلفات الحرب والمعارك التي كانت دائرة أثناء تحرير سهل الغاب الشمالي، يصف الحادثة التي وقعت بتاريخ 28|3|2018 الساعة التاسعة صباحاً لصحيفة حبر أخوه الأكبر قائلاً:
” كان محمد وأخي الأصغر يسرحون بالأغنام، فجأة سمعنا صوت انفجار بين الأغنام وكان محمد علي موجودًا في المكان، أسرعنا باتجاهه لنراه مغمى عليه ينزف كمًّا هائلاً من الدم، فبدأت بالصراخ لتسفعه سيارة إلى أقرب نقطة طبية، وبالفعل تمَّ إسعافه إلى أقرب نقطه طبية، لكن كانت الإصابة خطيرة وحرجة، والنقطة الطبية لا يوجد فيها المعدات الكافية لإتمام العمليات الجراحية، فتم تنظيف وتعقيم الأماكن المصابة وقدموا كافة الإسعافات الأولية، ومن ثم تم نقله إلى مشفى (هِتيا) في الشمال السوري على الحدود السورية التركية، وعندما وصل إلى المشفى قدموا له كميات هائلة من الدم، ومن ثم تم استئصال الطحال وقاموا بتنظيف العينين من الشظايا، وقالوا لنا يستوجب نقلة إلى المشافي التركية لتقديم علاج أسرع لأنه في تلك اللحظة كانت عينا محمد علي مليئة بالشظايا والرمل، وكانت يده مليئة بالشظايا ويحتاج لعدة عمليات جراحية، وتم نقلة إلى مشفى بولاية هاتاي التركية، ولمَّا وصل المشفى أجروا له العديد من العمليات الجراحية لتنظيف العينين من بقايا الشظايا والرمل، لكن لم تنجح العميلة الأولى، فبقي محمد علي شهرًا على وضعه، وبعد أكثر من أربع عمليات جراحية للعين لم يتم تنظيفها كاملاً.
وبعدها أجريت له عملية جراحية تم فيها بتر طرف اليد اليسرى، وعند انتهاء العمليات الجراحية في تاريخ 1|5|2018 عاد محمد علي إلى منزله فاقدًا بصره، حيث لم تتكلل عمليات العينين بالنجاح، عاد بروح مختلفة يردد بلسانه ليتني فقدت جميع أطرافي ولم أفقد بصري، فهو غير قادر على استيعاب وضعه الذي هو فيه، السكوت دائمًا مسيطر عليه، لأنه مهما حاول التأقلم مع وضعه يبقى في غاية الصعوبة، فهو حزين دائمًا لا يتكلم مع أحد، يصعب عليه الجلوس مع الناس لأنه لم يعد يتمكن من روية أحد وغير قادر على التمييز بين الأصوات، دائمًا يفضل العزلة ويردد ليتني فقت كل شيء إلا البصر، ما فائدة الحياة من دونه؟”
هكذا الحال الذي وصل إليه أطفال سورية، يتمنون الأسوأ لكي يستمروا في العيش، وغير محمد علي حلالات كثيرة من الأطفال والصغار وكبار السن جعلهم النظام هدفًا بشكل مباشر وغير مباشر على مدار سنوات، لتصبح الطفولة في سورية إرهابًا، والإرهابي عنوان البراءة ومكافح الإرهاب!