بقلم : نور العلييعتقد البعض أنَّ العلاقات بين الزوجين أمرٌ فطري يمكنه ممارسته دون جهد، بل هو بالأمر السهل، ولا يدركون أنَّها فنٌ يحتاج إلى تعلم الوسائل الصحيحة وممارستها بحذر لضمان نجاح العلاقة الزوجية، ولو كان الأمر بهذه الصورة لما رأينا بيتا يعيش حياة آمنة مطمئنة وآخر يغرق بمشاكل تكاد لا تنتهي.عندما يغيب الحب، والتفاهم والانسجام والاهتمام المتبادل والثقة والرغبة الحقيقية في البقاء معاً، تدخل الحياة الزوجية في حالة موت سريري، يختفي فيها الشعور بالأمان الذي يمثل الركيزة الأساسية لنجاحها واستمرارها، ويسكنُ الصمت في كل زوايا الحديث الذي كان عامراً ذات يوم بينهما، وهذا ما يطلق عليه اسم الطلاق العاطفي.هو: “حالة تعتري العلاقة الزوجية يشعر فيها الزوج والزوجة بخواء المشاعر بينهما، وينعكس ذلك على جميع التفاعلات داخل الأسرة”وهو مضاد للتوافق الزواجي، والذي يعني أنَّ كلاً من الزوج والزوجة يجد في العلاقة الزوجية ما يشبع حاجته الجسمية والعاطفية والاجتماعية، ممَّا ينتج عنه حالة الرضى الزواجي.لقد انتشرت هذه الظاهرة في مجتمعنا كثيرا ولعلّ أسبابها تنقسم إلى قسمين: قبل الزواج وبعده، قبل الزواج تنحصر في عدم الاقتناع بالطرف الآخر كشريك وأم أو أم للأولاد، وما بعد الزواج بخل المشاعر والبرود العاطفي، الإهمال، الغرور، سوء الأخلاق، الأنانية، تهميش الطرف الآخر والروتين.ولهذه الأسباب نتائج مترتبة من أهمها انعزال الأسرة كلها عن بعضها، وانتفاء القدوة الحسنة للأبناء، وتشويه صورة الأبوين، وعدم الشعور بالاستقرار والأمان الأسري، وتخلي الأبوين عن مسؤولياتهما تجاه الأبناء، وتكرار الإساءة إليهم من الأبوين لحالة الأبوين النفسية نتيجة لسوء العلاقة العاطفية بينهما.ولكي يتحقق التوافق الزواجي يتوجَّب على كل زوج أن يعمل على تحقيق حاجات وإشباع رغبات الطرف الآخر، وإشعاره بهذه المشاعر الإيجابية، وأنَّه سيبذل ما في وسعه كي تستمر الأسرة. والسعادة الزوجية هنا ليست عملية عشوائية، إنَّما ثمرة سلوك قصدي هدفه إسعاد الطرف الآخر.إن كنَّا نعاني العذاب والهموم تثقل كاهلنا والألم يكاد لا يفارقنا ينبغي أن يكون زواجنا ميمونا يمسح عنَّا نصَب أيامنا، فالزواج راحة ما بعدها راحة، والزوج هو سكن ووطن لا نجد الأنس والدفء إلا بقربه.