بقلم سها عاصيإنَّ أول مرسوم صدر عن الخساسة الهوليودية أو ما يسمى برئاسة الجمهورية، كان بعد انطلاق الثورة السورية تحت رقم 61 والذي نص على منح عفو عام عن بعض الجرائم “جرائم الشبيحة” وعفا عن نصف المدة لبعضها، وخرج المئات من مختلف المحافظات ممَّن زجَّ بهم المقبور وعددهم بالآلاف بما يعرف بأحداث الثمانينات، وامتلأت الشوارع بالمجرمين واللصوص ومدمني المخدرات وعصابات السرقة الذين فُصل لهم هذا المرسوم خصيصاً.وبدأت وسائل إعلام النظام تطبِّل وتزمر بإخراج المعتقلين السياسيين، وإيهام الشعب ببراءة النظام وسماحة قلب المستبد.أمَّا مرسومه الأخير المتعلق بجرائم خدمة العائلة، فقد أراد النظام منه توجيه ثلاث رسائل الأولى والأهم هي لتهدئة الشارع الموالي له بعد أن أصبح أبناء ما يعرف بالخزان البشري للنظام مطلوبين للشرطة العسكرية لأداء خدمة الأسد، فأراد إصدار العفو لتعديل أوضاع الفارين خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور هذا المرسوم، ليكسب بذلك المزيد من الشبيحة المؤيدين قولاً وفعلاً وخصوصاً أنه صرح بأنَّ هذا المرسوم من طلب مستفيديه!أمَّا الرسالة الثانية فهي لعموم الشعب ضمن مناطق سيطرته وخارجها، هي رسالة تقرِّب للعودة إلى ما يسمى بحضن الوطن الذي تخضب بدم أبنائنا وأهلنا، ظنًّا منه أن هناك من يريد العودة بعد الانشقاق عن شرذمته، كيف وقد تعلَّم هذا الشعب أنَّ مراسيم العفو لا تصدر إلا لغاية دنيئة، فالرحمة لم تصدر يوما من طاغية، وهي بمثابة شيك من دون رصيد، فمن استسهل سفك دم المدنيين الأبرياء لن يوفر مَن وقفَ بوجه ظلمه من العسكريين الذين رفضوا الظلم والقتل للشعب الأعزلولعلَّ الرسالة الثالثة هي للمجتمع الدولي التي يوفدها الديكتاتور عبر ديمستورا الذي سوف يتغنى بها كالعادة إلى جانب مسرحيات النظام الأخرى من مصالحة وغيرها.عزيزي القارئ: إنَّ مراسيم النظام ليست للعفو ولا للتقرب وليست بادرة حسن نية كما يُسوق لها تشبيحياً في وسائل الأغلال الرسمي أو ما يسمى الإعلام،إنَّما هي تأكيد من هذا المجرم على مدى إجرامه، وأنه يستطيع متى شاء قتل من يشاء والعفو عمَّن يشاء، هي كذلك نفس أساليب الطواغيت كالنمرود الذي جاء باثنين قتل أحدهما وعفا عن الآخر وظنَّ أنه يحيي ويميت، ويريد هذا الطاغية إيصال فكرة أنا من أقتل ومن أصفح، أنا الحاكم ولا أحد، وإلا فالموت لكم…. لكنَّه لم يعلم أننا شعب نهوى الظلام في سبيل القضية، وأنَّ قساوة قضبان الزنازين لم تثنِ الحر يوماً عن قوة حقه.