فرات الشامي |
معظم الضربات والغارات الجوية التي وجهها الكيان الصهيوني لميليشيات اﻷسد ومواقعه العسكرية آتت ثمرتها، وأخرجت الضب من جحره، لتتغير معها أسطوانة “الرد المناسب في المكان المناسب”.
فسوتشي والمصالحات وإعادة السيطرة والتموضع في مناطق خرجت عن سيطرته ألجمته ولم يعد بمقدوره قصفها بالكيماوي؛ من باب الرد على سيادته الوطنية؛ ليجد النظام نفسه وحيداً يواجه المأزق أمام “منحبكجيته” الذين ثارت حفيظتهم.
كما من المنطقي أننا لم نصدِّق عويل ونحيب “نقابة الفنانين”، بدايةً من زهير عبد الكريم إلى غيره ممن اتحفنا باﻻستهجان للأزمة الاقتصادية التي يعيشها الشارع في مناطق نفوذ النظام السوري؛ إذ إنّ طبيعة اﻷصوات وارتفاعها، مع مساحة الإفصاح الذي لم تعقب عليه الأجهزة اﻷمنية تثير الريبة، وتؤكد أنها أصواتٌ خرجت من مشكاة أفرع اﻻستخبارات السورية، كما تعيد إلى الذهن “ديوان التنفيس/النكتة” الذي صنعه الوالي سكجك في إحدى لوحات “مرايا” التي قدمها الفنان “ياسر العظمة”.
يقول صديقي الدرويش، إنهم “ممثلون”-يقصد مثقفين-، في معرض حديثه عن ضجيج “الفنانين” المحتجين على أزمة الغاز والماء والكهرباء وووو، ويعرّج على الغارات اﻹسرائيلية العدوة الغاشمة، مستطرداً بالحديث، “برمضان الماضي قصفوا مواقع جيشنا الباسل، واستغلوا أنو الشباب بصلاة التهجد، بعدها تخبوا خلف الطيار الروسي اللي استشهد، اليوم شافوا أزمة الدور ع الغاز فقرروا ينتهزوا فرصة انشغال البواسل بتنظيم الناس ومنع التزاحم وضبط المفسدين، وعملوا فعلهم الخسيس”. انتهى.
كثيرٌ من الدراويش ﻻ يزال يتابع صحيفة الوطن التي حمّلت “فيسبوك” المسؤولية عن أزمة الغاز التي استفحل أمرها، وإن لم تُغْفِل الدندندة على وترٍ ممزق حين تطرق مجدداً على لسان حموده الصباغ، رئيس مجلس الشعب، التابع للنظام قوله، (إن الحصار الاقتصادي الذي فرضه الغرب تسبب في حدوث أزمة الطاقة، إضافة لتأجيجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة “فيسبوك”).
يبدو أنّ لغة المنطق التي افتقدها نظام اﻷسد منذ اعتلاء السلطة وصلت به حدّ التخبط في توزيع أدوار المؤامرة الكونية التي عصفت وضربت كرسيّ العرش.
وسواء قصف المدنيين أم توقفت آلة الحرب بعد انحياز المجتمع الدولي لصالحه، فإننا ﻻ شك نقرأ أنّ ردة فعل اﻷسد على أيّ عدوان بربري على زعامته يواجهه بتركيع عوام الناس وهي الشريحة الأكبر، والأكثر فقراً، في دولةٍ ﻻ تستحي فيها الصحف الموالية الحديث عن فساد في عملية توزيع مادة الغاز في محافظة اللاذقية، معقل “الشبيحة”، وﻻ تخجل من تصدير تصريحات مديرية حماية المستهلك التابعة التي سبق أن أكد أحد المسؤولين فيها، بأنّ عائلة مكونة من 5 أفراد تحتاج إلى 150 ألف ليرة شهرياً، في وقت تواجه 80 بالمائة من العائلات السورية صعوبات في الحصول على الغذاء.
منطقياً؛ العشرون بالمائة الباقية، تواجه المؤامرة على الثغور ومناطق الرباط في القصور، وهي تحتاج بسبب المجهود الكبير إلى ما يسد جوعها، ﻹكمال مشوار الصمود والتصدي، والممانعة للمقاومة.
صديقي الدرويش رمى عقب سيجارته وعاد ليلتقطه، ربما فكّر بثمنه، انطفأ… سكت هنيهة ثم دندن بصوتٍ خشن… “دورها دور دور … وأعطيني شحطة… قبل ما تجي تجينا الشرطة… دورها دور دور… ما بَدي أصحى”.
بالنتيجة؛ مواجهة اﻷسد للمؤامرة أدت إلى ضرب الفقراء واشتعال حريق الطاقة، وعلى الهامش وبشيء من البراءة فقد أقرّت حكومة النظام ميزانية العام 2019 البالغة 8.9 مليار دولار، إلا أنّ العام الحالي سيشهد تخفيضاً للدعم الاجتماعي وخفض مخصصات الفرد من مادة الخبز؛ كما بشرت صحفه الموالية.
اﻷمر الذي يعني أن حكومة اﻷسد ستواجه قريباً طوابير اﻷفران إن انتهت من طوابير الغاز… وربما عدواناً غاشماً على بواسلها، لتخريجهم إلى الرفيق اﻷعلى…ودورها دور ما بِدي أصحى… لسان حال المنحبكجي.