العيد شعيرة إسلامية تتجلى فيها مظاهر العبودية بأعظم صورها وأرقى معانيها الاجتماعية والروحية بما تحمله من فرحٍ متجدد وتفاؤل بعوده على من أدركه بالخير والود وصلة الرحم والعبادة والنحر زلفى لوجه الله تعالى.
ولكن ما يؤرق بهجة العيد، وينزع مقلة السرور من قلبنا، أنين معتقلينا وصرخة أسرانا … أيُّ عيد هذا وأطفالنا مشردون وأهلنا بالخيام ملتحفون. بأي حال عدت يا عيد؟؟ وشهداؤنا بالألوف تحت التراب ومنازلنا قليل عليها وصف الأنقاض!
يقولها قائل ويردفها بغضب حنجرته: ألم تسمع أفئدة الثكلى وهي تنتحب؟!
ألم تتذوق حلوى العيد وبأيدي أطفالنا اليتم تختنق؟! ألم تشرب مزيج المهل من أمً لأولادها تفتقد؟!
نعم … هي قيثارة الثورة في أفراحها آيات يأس تتلى على أبواب كل مناسبة، لكن حان الوقت لنقول: كفى وانظروا لمن بقي، وكفوا عمّن في سبيل قضيتكم قد قضى فهو حي بإذن الله.
أمي… أختي… أبي… أخي… لا توجد في القواميس سوى هذه الكلمات تعبر عمَّا بداخلي لكم، فأنتم أهلي ولا يسعني إلا أن أقول لكم: إنَّ العيد سنة الله ورسوله فينا، فهو زمن تطرح فيه الهموم وتفرح به النفس ليس برغبتنا وإنما برغبة من خلقنا، هو يوم أراده الله لنا بهجة لنفوسنا وراحة لأجسادنا وأنسٌ لقلوبنا وحاشا لله أن نصد عن أمره.
لتكن هذه الأيام كما أرادها الله لنا، تتجدد فيها علاقاتنا و روابطنا الاجتماعية بالتآخي والتسامح و التعاضد و التوحد و السرور، لتمتلئ قلوبنا بالمحبة، لنستطيع أن نستمر في مواجهة التحديات وشحذ الهمم، لتكن هذه الأيام كبسمة أطفالنا التي تتحدى الحياة و القهر.
علينا أن نتفهم مكنونات هذه الأيام المباركة؛ لتكون زادنا في المستقبل… يجب أن نعي جيداً أنَّ العيد هو مكافأة الله لعباده الذين جاهدوا في سبيل الوصول لبيته العتيق، هو عيد لمن سعى بماله وبدنه في سبيل مرضاته.
ولذلك فإننا على موعد مع عيد يُفرح قلوبنا، ويسر جوارحنا بما بذلناه في سبيله على ثرى هذه الأرض المباركة، لأنَّ الله لا يضيع عمل عباده، فلمَ اليأس والإحباط؟!
إنَّ المجتمع المدرك لشعائر دينه قولا وفعلا يسبغ على أعماله ومشاعره البذل والعطاء لأسر الشهداء والفقراء، ويواسي ذوي المعتقلين، ويسعى لبث روح التفاؤل والفرح في قلوب المظلومين والمحتاجين بحيث تتوحد قلوبهم على أمر الله بصدى يمتد من أروقة الحرم إلى بيوت المسلمين على أجنحة العدل والرحمة والود والتكبير.
ولا يسعني في الختام إلا أن أقدم لكم تهنئة من أسرة الصحيفة، سائلاً الله عزَّ وجلَّ أن تكون أيامنا القادمة منحة بعد محنة كما هو في معاني الحج والعيد، أيام تملؤها تكبيرات النصر بعيد التحرير
وكل عام وأنتم بخير