اتهمت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في افتتاحيتها، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسير حثيثًا نحو الحرب مع إيران.
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها “صحيفة حبر”، إلى أن علماء الطاقة النووية سيقومون في الأسبوع المقبل بالكشف عن توقعاتهم بشأن المخاطر النووية التي تواجه العالم ويعيدون ضبط الساعة النووية، أو “ساعة النهاية”، وكلما اقتربت عقارب الساعة لمنتصف الليل زاد التهديد الوجودي على البشرية.
وتجد الصحيفة أنه “في حال استمرت المواجهة بين دونالد ترامب وإيران، أو اتخذت منعطفًا مخيفًا فإن هذا يعني أن الخطر على الكرة الأرضية أصبح عظيمًا وأعظم مما كان عليه في أي وقت مضى، منذ اختبارات القنبلة الهيدروجينية”.
وتقول الافتتاحية إن “طبول الحرب يتردد صداها في الشرق الأوسط، ففي يوم الثلاثاء أعلنت بريطانيا وفرنسا وألمانيا ألا خيار أمامها سوى رفع درجة التحذير من إمكانية انهيار الاتفاقية النووية التي وقعت عليها ست دول مع إيران، وذلك بعد إعلان طهران في أعقاب اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، أنها أصبحت في حل من (القيود العملية) التي تفرضها الاتفاقية عليها، وحذر الرئيس الإيراني من أن الجنود الأوروبيين في الشرق الأوسط (ربما كانوا عرضة للخطر)، في إشارة إلى أن وقوف دول القارة الأوروبية مع دونالد ترامب سيجعل التعامل مع قواتها في الشرق الأوسط على أنها عدو”.
وتدعو الصحيفة قادة أوروبا، وبريطانيا تحديدًا، لـ “عدم اتباع إستراتيجية ترامب الحمقاء، ففي عام 2018 خرج من الاتفاقية النووية، قائلاً: إنها لم تعد ناجعة، مع أنها كانت ناجحة، ثم قامر بإعادة فرض العقوبات على طهران أملا في تركيعها، لكنه لم ينجح، بل إنها ردت بسلسلة من الهجمات الجريئة ضد منافسيها العرب السنة، وعلاوة على هذا بدأت تدريجيا بالخروج من الاتفاقية النووية”.
وترى الافتتاحية أنه “في الوقت الذي أسقط فيه النظام الإيراني طائرة ركاب ثم كذب، ما أدى إلى غضب شعبي، إلا أنه من الصعب التأكد من طريقة تحويل هذا الغضب إلى حركة تهدد النظام”.
وتقول الصحيفة: “يبدو ترامب اليوم يمضي بطريقة متهورة باتجاه الحرب مع إيران، وعلى أوروبا أن تضع الكوابح أمامه”.
وتلفت الافتتاحية إلى أنه “في جوهر الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015 كانت هناك منفعة متبادلة: فقد وافقت إيران على القيود والسماح للمفتشين مقابل حصولها على منافع مالية من رفع العقوبات، ومن اللافت أن الدول الأوروبية فتحت الباب لمدة 30 يومًا من أجل ردم الخلافات إن كانت هناك إمكانية لردمها، ولو لم يتم التغلب عليها فإن الملف سينقل إلى مجلس الأمن الدولي، ما سيفتح الباب أمام العودة للعقوبات التي رفعت بعد توقيع الصفقة، وسيرحب ترامب باحتمال جر إيران إلى الأمم المتحدة، وعليه ألا يفرح، فقد تجد إيران نفسها في القمة دون سلم للنزول عليه وستفعل ما تريد، فلو استأنفت أجزاء من برنامجها النووي أو أوقفت برامج التفتيش فعندها ستسير باتجاه القنبلة النووية، ومن المفارقة أن هذا الوضع هو الذي قاد قبل خمسة أعوام إلى الاتفاقية النووية”.
وتورد الصحيفة نقلاً عن المستشار السابق لترامب، (ريتشارد غولدبيرغ) قوله: إن الرئيس لن يغفر لبريطانيا المعزولة لو اتخذت موقفًا من إيران على خلاف موقفه، و”هذا يعني ألا اتفاقية تجارية تحتاجها بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي”.
وتفيد الافتتاحية بأن “رئيس الوزراء بوريس جونسون حاول التملق من خلال الترويج لما أسماها (صفقة ترامب) مع إيران، وهناك منطق لهذه الصفقة مع أنها ستكافئ الداعي للحرب، فأعلن الرئيس عن رغبته في جلب الجنود من الشرق الأوسط، وهو ما تريده إيران حتى لو كان الثمن هو دفع إيران للتخلي عن طموحاتها النووية مقابل رفع العقوبات”.
وتختم “الغارديان” افتتاحيتها بالقول: “لنصل إلى هذه المرحلة يجب قصقصة أجنحة الصقور الداعين للحرب في أمريكا، وفي ظل الظروف الحالية فإن فرص المحادثات ضئيلة، ونحن أمام خيار سيئ، ففي حالة عدم إنقاذ الاتفاقية النووية واستئناف إيران سيرها نحو القنبلة فسيكون الخيار هو ضربها ومنعها من الحصول عليها، وعندها ستكون عقارب الساعة النووية قد قاربت من منتصف الليل”.