تعيش مناطق الشمال السوري في هذه الأوقات من السنة موسم فاكهة (الرّمان) الذي هو من الفواكه القديمة، حيث يعود أصلها إلى بلاد فارس، لكنها انتشرت فيما بعد ببلدان البحر الأبيض المتوسط وأفغانستان وأجزاء روسيا والصين والهند واليابان، وتعد هذه الفاكهة غريبة في الولايات المتحدة الأمريكية لكنها شائعة في الشرق الأوسط وتسمى شجرة الرمان، أو “بونيكا غرانا توم”
نشطت محافظة إدلب بإنتاج الرمان، حيث وصل إنتاجه إلى حوالي 18829 طن بمساحة 765 هكتار و351 ألف شجرة بالأراضي المزروعة.
التقينا المزارع “أبو أحمد” من قرى جبل الزاوية بريف إدلب ليحدثنا عن شجر هذه الفاكهة التي نعيش موسمها حاليًّا:
“تزرع شجرة الرمان في الربيع أو بداية الخريف، أما موسم نضج الرمان فإنه يصل إلى خمسة أشهر، ويختلف حجم الرمان ولونه وحموضته حسب المناطق التي يُزرع فيها، فتقل ثمرته بالمناطق الباردة والمرتفعة وتكثر بالوديان، وحتى في بساتيننا تختلف من بستان لآخر حسب التربة والجو والمنطقة.”
وأشار أبو أحمد إلى أن هناك رمان بعلي دون سقاية وآخر مروي من الآبار السطحية، ويختلف ذلك حسب مكان زراعته، وأضاف: “موسم الرمان أساسي، لكنه خفيف التعب إذ نقطف الثمار على دفعتين، الخرج الأول يبدأ من شهر تشرين والخرج الثاني بنهاية الموسم.”
وأكد أبو أحمد أن شجر الرمان مقاوم للجفاف يروى أول الشتاء وعند خروج الأوراق وبعد عقد الثمار ومرة أو مرتين قبل نضج الثمار بشهر وبعد القطف مرتين، وخلال فترة نضجه يروى أكثر حتى لا تتشقق الثمار وتتلف؛ وبعد قطفه ينزل إلى الأسواق القريبة التي تتكفل بتصريفه كسوق مدينة أريحا ومدينة المعرة.”
وتحدث أبو أحمد عن الأمراض التي تصيب شجر الرمان قائلاً: “هناك مرض يسمى (حفار الساق) الذي يحفر أفرع وساق شجرة الرمان حتى يدمرها، بالإضافة إلى الديدان التي تصيب الثمر، حيث تدخل القشرة وتصيب الثمرة من الداخل. تعالج هكذا أمراض باستخدام المبيدات التي نشتريها من الصيدليات الزراعية؛ ولف ثمار الرمان بأكياس من الورق أو القماش لتمنع وصول الديدان إلى الثمار حتى تنضج ثم نبيعها بالأسواق بعدة أسعار حسب جودتها، حاليًّا سعر الكيلو من 50 حتى 150 ليرة سورية.”
خلال جولة لنا في السوق كانت نداءات الباعة وحدها كافية لمعرفة أنواع الرمان وأسعاره، فمن أنواعه: “الحامض والحلو واللفان أي المتوسط الحلاوة، والعصفوري والفرنسي وناب الفيل” ويستخدم كل نوع حسب الحاجة إليه، فالرمان الحلو يطلب لتناوله طازجًا، أمَّا الرمان الحامض يطلب بكثرة في السوق ليصنع منه دبس الرمان الذي يصل سعره إلى 1500 ليرة سورية، ويستخدم الرمان بالكثير من الوجبات السورية كالفتوش وبابا غنوج و الكبابة وغيرها الكثير.
ذكر الله الرمان بالقرآن وجعله من ثمار الجنة “فيهما فاكهة ونخل ورمان” بسورة الرحمن. ثمار الرمان شهية عدا فوائدها الطبية الكثيرة، وهذا دليل على أهميتها، يقول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “كلوا الرمان بشحمه فإنه دباغ المعدة” أي يُصلح المعدة، ويعتبر الرمان معالجًا جيدًا لآلام المعدة، ويحمي الرمان أيضًا من إلتهاب اللثة والفم والقرحة، وهو مصدر للفيتامينات خصوصًا A,C وحمض الفوليك، ويحتوي على مضادات أكسدة بالإضافة إلى مادة البونيكاليجينس وهي نوع مضادات أكسدة توجد بعصير وقشر الرمان، وكذلك زيت بذور الرمان وهو نوع من الأحماض الدهنية الرئيسة المشتقة من حمض اللينولييك وتحتوي أثار بيولوجية فريدة لها فوائد صحية كثيرة، وللرمان تأثيرات مضادة للالتهابات ومكافح لسرطان البروستاتا وسرطان الثدي، ويساهم في خفض ضغط الدم ويكافح إلتهاب وآلام المفاصل ويكافح العدوى البكتيرية والفطرية ويحسن نشاط الذاكرة.