سيرين المصطفى |
أطلقت لعبة البوبجي أي (ساحة المعارك) للاعبين في 23 مارس 2017، وازداد عدد المشاركين فيها بعد فترة قصيرة من الانطلاق، لتصل إلى درجة الإدمان حاليًا بين الشباب في الشمال السوري، وهي على شكل فرق متصارعة فيما بينها، كل واحد يختار مكانًا محصنًا، ثم يستدرج الفرق الأخرى لقتلها بوسائل متنوعة، فمع مرور الوقت تنقص الفرق واحدة تلو الأخرى، ثم اللاعبون المتبقون من الفريق الأخير، إلى أن يبقى لاعب واحد الذي يصبح بطل المعركة.
ويعود سبب إدمان الشباب على تلك اللعبة إلى تطور التكنولوجيا ووصولها تقريبًا لكل المناطق، وتوافر الأجهزة الذكية بأيدي الأغلبية من الأطفال والشباب، في ظل غياب رقابة الأهالي وتزايد إهمالهم. إلى جانب المغريات التي تقدمها اللعبة من تسلية وحماس وقتل للملل.
يقول (عادل) وهو أحد المشاركين في اللعبة: “ما إن أبدأ اللعبة، أنسى العالم المحيط حولي، وأنشغل بالقتال والتحدث مع اللاعبين الآخرين عن طريقها.
لو هناك عمل لما تولعنا بالبوبجي، والنهار طويل فما من منفذ نقتل به الضجر إلا هي.”
إلا أن (تحسين) رأى في اللعبة فسحة للتعرف على الآخرين قائلاً: “إنها لعبة مذهلة أتعرف من خلالها إلى أصدقاء جدد لهم الهدف نفسه ألا وهو الانتصار، وأيضًا أراها تزرع التحدي.”
تلك اللعبة أوصلت المشاركين إلى حدّ الإدمان، فضيعت وقتهم وشغلتهم عن واجباتهم وأعمالهم من دراسة ومسؤوليات، كما نجم عنها حالات طلاق بحسب بعض الوكالات، نتيجة انشغال الزوج عن زوجته وعن مسؤوليات البيت والأسرة.
تؤدي ألعاب الموبايل بشكل عام إلى أضرار على العين، كذلك تولد قلة الحركة التي ينجم عنها الخمول والكسل، كما أثبتت الدراسات أن الجلوس لأكثر من 8 ساعات يوميًا يزيد خطر الإصابة بالسكر والأمراض المزمنة، فضلاً عن الإصابة بأمراض القلب. وأيضًا الصور المتوهجة في الأجهزة الذكية، تؤدي إلى الإصابة بالصرع بسبب حساسية المشاهد تجاهها خصوصًا الصور الثابتة، وكشفت الدراسات الحديثة عن وجود علاقة سببية بين ممارسة الألعاب الإلكترونية لساعتين أو أكثر وبين الإصابة بداء الصرع.
وفي لقاء أجريناه مع الأخصائي النفسي (سيد السيد أحمد) حذَّر من آثار نفسية ممكنة الوقوع على مدمني هذه اللعبة، قائلاً: “هناك محاذير تربوية من غياب رقابة الأسرة عن الأطفال الذين يمارسون لعبة البوبجي وغيرها من الألعاب الإلكترونية، لِمَا فيها من سلبيات على الأطفال مثل اكتساب السلوك العنيف، وتفضيل الوحدة والانعزال، بالإضافة إلى أنها تقف عائقًا بين اللاعب وبين بناء علاقات اجتماعية وأسرية جيدة، نتيجة قضاء وقت طويل باللعب بها، علاوة على ذلك تؤخر مستوى الطلاب الدراسي نتيجة التغيب المتكرر عن المدرسة، واستبدالها بقضاء الوقت في مقاهي النت والصالات.”
وعند سؤالنا عن الحلول للتعامل مع هذه المشكلة، يقول السيد: “كلما تعزز التواصل السليم والحوار السوي بين الوالدين والطفل أو المراهق حول مواضيع تهمه، وجد متعة في قضاء وقت معهم أكثر من جهازه الإلكتروني، كما على الأهالي تحديد ساعات للأولاد من أجل اللعب بما يتناسب مع دراستهم وحياتهم الاجتماعية ومراقبتها بانتظام، إلى جانب المحاولة بأقصى ما يمكن بالاستغناء عن هذه اللعبة أو غيرها وإدخال برامج ترفيهية تناسب عمرهم وتخلق أثرًا في حياتهم، مثل قراءة القصص واللعب في الخارج مع الأصدقاء، ممَّا ينمي العلاقات الاجتماعية لهم، كما تساعد قراءة القصص على تطوير التحليل عندهم.”
ومن وجهة نظر دينية أصدر بعض المفتين حكمًا يقضي بحرمانية “البوبجي” لِمَا فيها من إضاعة للوقت كما قالوا.
دائما ما بين الفينة والأخرى، تظهر لعبة جديدة على الميدان، تخطف العقول، وتصبح حديث الساعة، لتكون فئة اليافعين أولى ضحاياها، إلا أنه مع نشر التوعية الصحية والنفسية يتشكل دواء قوي المفعول للتعامل مع تلك التطبيقات والألعاب.