بقلم رئيس التحريرمنذا يستطيع أن يصدق الولايات المتحدة الأمريكية وهي تذرف دموعها على المدنيين الذين قتلتهم خطأ في الحروب التي أشعلتها وتشعلها؟! إن كانت هذه المشاهد واقعة فعلا فهي ليست إلا لقطات تمثيلية أساسية في الفيلم، تسعى السيدة الشقراء من خلالها إلى استعطافنا ومسح ذاكرتنا وإعطائنا جرعة جديدة من النسيان، ورسم الضباب الكثيف فوق الصور المشاهَدة!ذلك أن مصطلح ( المدنيين ) لا تعرفه الحرب الأمريكية وهي توهم أنها تعرفه، فقد رفضت استقباله في قاموسها الحربي مرارًا، فهي في حروبها تعتمد أساليب وحشية لا مكان فيها لإنسانية الإنسان، وربما لا نكون مبالغين إن قلنا إن حربها تقوم أساسًا على قتل المدنيين وإيذائهم والتنكيل بهم واستخدامهم ورقة ضغط على خصومها، وإلا فمَن قتل الأطفال والنساء الآمنين في العراق؟! وماذا تعني ( الحرب الشاملة ) التي تتردد في دهاليز البيت الأبيض؟ولكيلا يستيقظ حلفاء أمريكة المتسولون على أبوابها مذعورين من تصرفاتها الغريبة، نذكرهم بأن الحرب الشاملة في العرف الأمريكي يجعلها لا تتردد ولا تتورع لحظة واحدة عن قصف المدنيين الآمنين في ديارهم، فهي ورقة مفتوحة على جميع الاحتمالات والخيارات العسكرية التي يفكر بها الإنسان وغير الإنسان، وتستخدم فيها ما يتوفر لها من الأسلحة المحرمة على غيرها! من دون التمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية، فالخصم عند الأمريكان ليس ( الإرهاب ) وحده، بل الأرض التي يقف عليها الإرهاب وما يحيط به، من عقيدة دينية وموروثات ثقافية ومنشآت اقتصادية وبنى تحتية..وليست هذه مجموعة من التخمينات والتصورات، بل هي استراتيجية مستخدمة متجذرة في الفكر العسكري الأمريكي والمتأمرك كما هو حال جيوشنا العربية عندما تنتقم من القاطنين في مستعمراتها، فالجنرال الأمريكي شيرمان Sherman صاحب مقولة ” الحرب هي الجحيم ” وصاحب خطة ” الأرض المحروقة ” يرى أنه لا شيء في المبادئ الأمريكية ينص على وجود خطوط حمراء في الحرب، ولذلك لا ينبغي أن تُقَيَّدَ أمريكة في الحرب!ولذلك فلا يستغرب حلفاء أمريكة إن استيقظوا مذعورين من تصرفاتها الغريبة والخطوط الحمراء مرسومة على ثيابهم!