بقلم المنتصر بالله حجو تمتلئ الساحة الإسلامية اليوم بالمشاريع الكثيرة والطروحات التي تعمل بجد وتفان، إلا أنَّ بعضها زلت بها القدم وانحرفَ عن الطريق القويم، ممَّا يهدد مسيرتها وبقاءها، ويمكن أن نستبين زلات هذه المناهج والحركات والطروحات فنرجعها إلى سببين أساسيين:1- الجمود: إذ يرى البعض أن تمكين دين الله وشرعه ونظامه لا يمكن أن يتحقق إلا بالسير حرفيًّا وراء رجال القرون الأولى واقتفاء مراحل الفترة النبوية واتباعها اتباعا دقيقا لا زيادة فيه ولا نقصان، وإن كانت الزيادة ضمن المشروع الحلال، حتى أصبحت وسائل التغيير والتمكين توقيفية لا يمكن الاجتهاد فيها، ولا يمكن فيها البحث والنظر.2- التفلت: إذ يقوم بعض المنتسبين إلى هذا المنهج بأخذ كل ما يأتي من الشرق والغرب من أفكار وفلسفات ونظم كحاطب الليل بلا تفكير في الوسائل والعواقب، وربَّما يكون هذا النهج أخطر من سابقه على الرغم من خطر الأول، لأنَّه يحاول أسلمة المناهج التي لا تمتُّ إلى الإسلام بأدنى صلة، حتى أصبحت وسائل التغيير والتمكين لا تلتفت إلى مراحل الفترة النبوية لتستخلص منها المواقف والعبر والحلال والحرام بحجة أنَّها فترة تاريخية انتهت.ولا شكَّ في أنَّ هذا الكلام عامّ، وحجم الخطأ لا يستوي عند كل هذه الفئات.إنَّ نظرة المسلم إلى منهج التغيير ليست بجامدة ولا ثابتة، بل إنَّها نابعة من الفهم الشامل المتوازن لدين الإسلام، فهناك خطوط لا يمكن تجاوزها وإن وصلت الجماعة أو الحركة إلى مراحل متقدمة من العمل، وهناك مناهج وفلسفات لا يمكن تبنيها لتضادها مع الإسلام ومخالفة تعاليمه وشرائعه.إنَّ التغيير الإسلامي الذي تنتظره الأمة منذ عقود لا يكون إلا بالوسائل السليمة والسبل الرشيدة المؤدية إليه، فالواجب أن نرفض ونخلع تلك المناهج المستوردة بالكامل من العقائد والفلسفات الأخرى، خاصة وأنَّها أثبتت فشلها الذريع في بعض بلدان العالم الإسلامي، ومن غير المعقول أن يبقى عمر أبناء الأمة ضائعا في تجربة ما جرَّبه آباؤهم وأجدادهم وثبت سوؤه وفشله!وكذلك من الواجب أيضا أن نرفض كل فهم مكبل لحركة الإنسان وفكره، الفهم الذي يجمّد التاريخ فلا يدرك ما حدث فيه، ويقصر فكره عن الاستنباط والقياس، ويجمّد شريعة الرحمن فلا يدرك ما أودع الله فيها من سعة ويسر ورشد في التعامل مع الأحداث والوقائع.ونحن حين نقول بالفهم الشامل المتوازن فإننّا ندرك أنَّ منهج التغيير لابدَّ أن يكون كذلك، وعلى هذا الأساس نؤمن بالعمل منهجا متكاملا للتغيير بلا إفراط ولا تفريط .