تقرير: عدي الحلبي.
لم يعد موضوعُ الرقابةِ على الموادِ المستوردةِ أمراً يستطيعُ أيٌ منَّا غضَ الطرفِ عن الخوضِ فيه، لاسيَّما أنَّ ما يقاربُ نصف الأغذية (لحوم -خضراوات -فواكه) بالإضافة إلى الأدوية وغيرها…هي موادٌ غذائية مستوردة من دول أخرى منها تركيا.
فهذه المواد التي يعدُ أغلبها من متطلبات الحياةِ اليومية للمواطنِ السوري هي موادٌ لا تخضع لأي رقابة أو معايير في الجودة أو الصلاحية أو حتى التأكد من عدم احتوائها على عناصر خطرة.
فإخضاع هذه المواد للرقابة المنظمة أصبحَ أمراً يسترعي اهتمامَ كلٍ منَّا لا سيَّما بعد تسجيلِ عدة حالات تسمم إثر تناول اللحوم المستوردة المجمدة لسوء تخزين أو حتى وجود مواد مسمِمة فيها.
ولا تقلُّ مشكلة التأكد من اتباع التعاليم الدينية في ذبح هذه اللحوم أهمية عن اتباعها للقواعد الصحية أو الصفات العالمية التي يجب أن تخضع لها المواد الغذائية خاصة المستوردة منها.
وقد بين عدد من أطباء المشافي الميدانية في المناطق المحررة أنَّ المخابر المتوفرة هي مخابر خاصة بتحليل الدم، ولا يوجد مخابر خاصة لتحليل المواد الغذائية أو التأكد من أنَّها مواد صالحة ولا تحوي على أيَّة مشاكل فيما يتعلق بأمور التخزين.
فبعد إحصاءٍ لأكثر من 100إصابة جرَّاء تناول اللحوم المجمدة من المحال التجارية في مدينة الأتارب مؤخراً، وجدنا تباينا للآراء حول الأسباب، هل هي نتيجة لسوء التخزين؟ أم أنَّ اللحوم تحتوي على مادة سامة وسط غموض كامل عن المصدِّر الذي قام بتصديرها إلى الأراضي السورية؟
وعن الإصابة يحدثنا موسى عن إصابته جراء تناول اللحوم فيقول: “شعرت بألم في الرأس، ثمَّ لم ألبث أن بدأت أشعر بالإعياء ممَّا أدى إلى غيابي عن الوعي ونقلي إلى طبيب مختص والذي أخبرني بأنَّ حالتي هي السادية التي يصادفها خلال اليومين الماضيين.”
ويقول الطبيب: ( م.س ) “إنَّ الأخطاء الحاصلة نتيجة استيراد المواد الغذائية المستوردة تعود بالمسؤولية إلى وزارة الصحة في المناطق المحررة، والتي لم تقم بإجراء فعلي وصحي صارم يستطيع أن يخضع هذه المواد إلى رقابة تلتزم بمعايير الصحة والجودة.
أمَّا ظاهرة الأدوية المقلدة المستوردة غير المعروفة المصدر فهي منتشرة بكثرة، لأنَّها تقل سعراً عن كثير من الأدوية لأحد سببين أولاهما: عدم مطابقتها للمعايير وغياب الرقابة عن مدى فاعليتها أو تأثيراتها الجانبية، أمَّا السبب الآخر هو أنَّها مواد جيدة، لكنَّها مباعة بعد استيرادها مجاناً من قبل المنظمات التي تهتم بالجانب الصحي.”
و انطلاقاً من خطورة الموقف لابدَّ لنا من طرح هذه المشكلة المغيبة إعلامياً وفكرياً، و وضعها تحت المجهر على رأس المشكلات الصحية التي يجب مواجهتها و إخضاعها لرقابة ممنهجة تتبع إلى مؤسسات و مخابر متخصصة تحوي على أدوات و أجهزة متطورة، و لنجاح هذه الخطة لابدَّ من تكاتف المؤسسات الطبية إلى جانب الجهات المسؤولة، و المسيطرة على الحدود للحدِّ من هذه الظاهرة و آثارها الخطرة.