قتيبة عبد الجواد |
عجباً ترى في أحوال التجارة في الشمال المحرر، خاصة حين يتقلب الدولار هبوطاً وصعوداً، وعلى كل حال المواطن البسيط آكلها.
قبل شهر ارتفع الدولار بشكل كبير، فعمد غالب الباعة إلى رفع أسعار السلع الاستهلاكية المحلية والمستوردة أضعافا مضاعفة والحجة جاهزة “غلي الدولار”!!
حتى أسعار الحليب واللبن والبيض وغيرها من السلع المحلية زاد سعرها “ليت شعري، هل تعرف الدجاج والأبقار بتقلبات الأسعار؟” أو أنهن مطلعات على بورصة العملات وأخبار الدولار؟
ثم فجأة يصحو المواطن على قرار التعامل بالليرة التركية وهو ويستبشر فيه الخير … لكن حيتان المال لم يكونوا ليدعوا هكذا فرصة لا تفوتهم فهرع الناس إلى محلات الصرافة ليبدلوا بالعملة السورية المتهالكة عملة تركية مستقرة، فعمدت مكاتب الصرافة لرفع قيمة بيع الليرة التركية أكثر من سعرها الحقيقي مستغلين ارتفاع الطلب عليها ،
ثم يبدأ الدولار بالهبوط مقابل الليرة السورية وبدلاً من أن تنخفض الأسعار بانخفاض الدولار نراها ترتفع ويصبح الدولار بريئاً من التهمة الموجهة له بتسببه في غلاء الأسعار براءة الذئب من دم يوسف.
وعند سؤالك أحد الباعة عن عدم انخفاض الأسعار بانخفاض الدولار يكون رده جاهزا “نحنا اشترينا البضاعة بالغالي ” أو يصدك بقوله “البضاعة مالها علاقة بالدولار” لكن كيف كان لها كل العلاقة فارتفعت حين ارتفع ؟ أم أنها طلبت منه الطلاق حين انخفض؟
ليكتشف المواطن المعتر أن لا علاقة لارتفاع الدولار أو انخفاضه، إنما هي أخلاق بعض التجار والباعة التي باعوها لبريق المال، متناسين حاجة الناس وفقرهم مع ألم النزوح وفقدان المأوى.
حدثني الحاج أبو عبدو عن رحلته بين الصيادلة بحثا عن الدواء الذي تضاعفت أسعاره وغلبت شهوة المال على نفوس بعض الصيادلة وتناسوا أن عملهم أخلاقي إنساني قبل أن يكون ربحيا تجاريا.
وقال لي إنه اشترى دواءً لمرضه المزمن بسعر 1800 ليرة بعد أن كان يشتريه ب600ليرة ثم سأل صيدلية أخرى وإذ بسعر الواء ذاته 1200ليرة ليأخذه ويرجع الدواء الذي أخذه من الصيدلية الأولى.
هل وصل التلاعب بالأسعار إلى الأدوية وحليب الأطفال؟
ولكن ما هي أهم أسباب هذا التفاوت في الأسعار؟
1_ غياب الرقابة التموينية عن الأسواق.
2_ عدم تقيد الباعة بتسعير المواد بعملة ثابتة “دولار_تركي”
3_السقوط الأخلاقي والمهني لبعض التجار.
ولكن الحق يقال إنه مازال فريق من الباعة يتقون الله في حوائج الناس ويرضون بالقليل من الربح، ويخفض أسعاره فور انخفاض الدولار، ويسعى جاهدا في مراعاة الناس.
والحل يكمن في فرض رقابة تموينية على الباعة، ويكون البيع موحدا بعملة مستقرة يلتزم بها أصحاب السلع الاستهلاكية بغض النظر عن تقلبات الصرف.
ثم تعزيز قيم الأمانة والتسامح في نفوس الناس من خلال خطب الجمعة والدروس وعلى وسائل التواصل.
ولذاك التاجر الصدوق بشرى النبي صلى الله عليه وسلم: “التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء”
هذه البشارة للتجار والباعة الصادقين وهدى الله المستغلين والمحتكرين.