يقطن في الغوطة الشرقية زهاء أربعمئة ألف نسمة وفقا لتقديرات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، لكن بسبب الحصار المفروض عليها منذ العام 2013 أصبح الأهالي يقولون: “الموت أفضل لنا “، بسبب الحصار والجوع والقصف والبرد…
يقول (فايز عرابي) طبيب أخصائي بالطب الفيزيائي وإعادة التأهيل في الغوطة، ومسؤول التعليم في مديرية صحة دمشق وريفها لصحيفة حبر: “لا يخفى على أحد الوضع الصعب الذي تعانيه الغوطة الشرقية بقاطنيها، خاصة منذ بداية عام 2017 حيث تم إطباق الحصار الشديد ما أدَّى إلى فقدان المواد الغذائية والأدوية والأجهزة الطبية والمستلزمات الحياتية اليومية، وأهم شيء الوقود ومصادر الطاقة.”
ويتابع عرابي: “كان من أبرز مشاكل الحصار الحالي ارتفاع نسبة المصابين بحالات سوء التغذية، حيث لوحظ من خلال الإحصائيات التي تمت خلال الأشهر الماضية زيادة كبيرة في حالات سوء التغذية الشديدة SAM والمتوسطة MAM، ونتاج ذلك حصول عدد من الوفيات في صفوف الأطفال ناقصي التغذية.
أكثر شريحة كانت مؤثرة وصعبة من المرضى هي شريحة مرضى الأورام والسرطانات الذين يحتاجون لرعاية خاصة، وإجراء تحاليل وفحوص ملحة للبدء بالعلاجات الخاصة بالأورام سواء كانت جراحية أو دوائية أو شعاعية، وهذا كله غير متوفر في الغوطة المحاصرة.
في الغوطة يمكن إجراء العلاج الدوائي، لكن المشكلة هي توفر الأدوية بشكل منتظم لمتابعة حالات المرضى الذين يحتاجون لمواصلة المعالجة الدوائية بجرعات خاصة لهم على فترات طويلة.
فمرضى القصور الكلوي اضطر الأطباء معهم للتخفيف من عدد جلسات الغسيل لتقتصر على جلسة أو جلستين في الأسبوع، نتيجة شح المواد اللازمة.
أما مرضى حالات البتر فيحتاجون إلى مواد خاصة بالأطراف الصناعية غير متوفرة ولا يوجد لها بديل هنا، ما يؤخر تأهيل هذه الحالات وعودتها.
كما نعاني مع مرضى أذيات النخاع الشوكي، خاصة الذين يحتاجون لرعاية خاصة ومستهلكات طبية معينة باستمرار، فكثير منهم يحتاجون لفرشة هواء تعمل بالكهرباء، إلا أنَّ الكهرباء لا تتوفر إلا عدة ساعات باليوم حسب الحاجة، ممَّا يعرض المرضى للكثير من مشاكل الفراش والرقود المديد عليها.
كما أنَّ العناية بالنظافة عند الكثير من الناس صعبة جداً بسبب صعوبة تأمين المياه للبيوت.”
وبخصوص عدد الحالات المرضية في الغوطة الشرقية ذكر عرابي أنَّ المسجل بالمركز 1228 حالة لمرضى السرطان، منهم 665 كانوا قيد العلاج، توفي منهم 32 شخصا حتى الآن، فيما عدد المرضى الموضوعين على قائمة الخروج بسبب الحالات المرضية المختلفة يزداد يومياً وأصبح أكثر من 600 حالة، توفي منهم أكثر من 30 شخصا.
بدوره يقول (محمد أبو أنس) صحفي في الغوطة الشرقية لصحيفة حبر: “مع قدوم فصل الشتاء تزداد معاناة المحاصرين في ذلك السجن الكبير الذي لا يفرق بين طفل ومسن، فعلى مسمع ومشاهدة العالم كله ما تزال الغوطة محاصرة منذ خمس سنوات.”
وعن الحالات المرضية في الغوطة يقول أبو أنس: ” في المدينة قائمة بـ 600 حالة مرضية، لكن الموت كفيل بتخفيض أسمائهم، تلك الحالات موثقة بالهلال الأحمر تنتظر خروجها لتلقي العلاج في العاصمة دمشق، ومن المرضى الذين طالهم الموت وفتك بهم مرض السرطان بسام قزاز، والشاب عبد المنعم غازي، في حين بلغ عدد مصابي مرضى الفشل الكلوي أكثر من 40 مصابا، حياتهم مهددة إن لم تتمكن الأمم المتحدة أو الهلال الأحمر من إدخال مواد غسيل الكلى.”
في الزيارة الأخيرة للأمم المتحدة بتاريخ 30/10/2017 أدخلت مساعدات لا تكاد تكفي لربع سكان الغوطة، وحينها اطلعوا على عدة حالات مرضية منها أمراض السرطان والفشل الكلوي والسكري، لكن المعضلة الأكبر أنَّه بسبب وطأة الحصار كثر الجفاف في صفوف الأطفال حيث توفيت الطفلة ريان علي القلاع إثر ذلك.