أميمة محمد |
دمَّرت الحرب الدائرة في سورية على مدار تسع سنوات شرائح المجتمع من مختلف الفئات، لاسيما النساء الحوامل وما يتعرضنَ له من صعوبات كثيرة خلال فترة حملهنَّ سواء في بيوتهنَّ أثناء تعرضهنَّ للقصف أو أثناء نزوحهنَّ وذلك أشد وطأة عليهنَّ، إذ هنَّ بحاجة ماسَّة إلى الراحة والمراقبة الطبية المنتظمة، في ظل سوء الأوضاع المعيشية في مخيمات اللجوء شمالي البلاد،
صحيفة حبر رصدت حال الحوامل في مخيمات الشمال السوري، وأثناء الحديث مع العديد من النساء، تبين ازدياد حالات الإجهاض بشكل ملحوظ عند النساء الحوامل، وذلك نتيجة التهجير المتكرر والخوف وسوء التغذية وعدم توفر الرعاية الصحية اللازمة، وكذلك انتشار الأوبئة والأمراض المعدية التي ظهرت مؤخراً نتيجة التلوث البيئي، تلك المصاعب وغيرها دفعت بعض النسوة للعزوف عن الرغبة بالإنجاب إلى أن يتم اتخاذ حل يقضي بعودتهنَّ إلى موطنهنَّ أو وجود فسحةٍ آمنة تسمح لهنَّ بالعيش كما يجب.
تقول السيدة (هدى) 35 عامًا متزوجة ونازحة من (ريف حلب الغربي): “التفكير بقدوم مولود جديد يتطلب من الأهل الاستعداد لاستقباله بأجمل الطقوس، كالتحضيرات اللازمة من سرير خشبي، وإعداد مجموعة كاملة من الملابس الزاهية (الديارة) التي تقوم بوضعها الأم في الأشهر الأخيرة من الحمل وغير ذلك، في حين اقتصر الأمر في الوقت الحالي على القليل من الملابس المستعملة والكثير من المخاوف التي تتجلى في عدم وجود مكان ملائم للعيش، وازدياد المصاريف وسط محدودية الإمكانيات المادية. “
تُحدثنا (أم عبد الله) حامل في شهر التاسع، وهي نازحة من ريف إدلب في حملة النزوح الأخير، عن مشقة الطريق وتعثر حظها أثناء خروجهم في ليلة مثلجة بعد اقتراب قوات النظام من محيط بلدتهم وتوجههم شمالاً دون أن يعلموا وجهتهم المقصودة وقضائهم تلك الليلة في سيارتهم مع شدة البرد والصقيع.
تقول (أم عبد الله) بأن حالتها الصحية قد تدهورت وليس بإمكانها الذهاب إلى مركز صحي في أجواء لا يغادرها الطيران، واحتمال استهداف النقاط الطبية وارد بأي لحظة، وهي في القوت نفسه غير قادرة على توفير الأدوية اللازمة، موضحةً أنها تعرضت للإجهاض قبل حملها الحالي من شدة الخوف والرعب أثناء القصف المستمر.
تُرجِع الدكتورة النسائية (عائشة قدور) التي تعمل في مشفى مدينة (قاح) الحدودية مع تركيا ارتفاع حالات الإجهاض لدى النساء الحوامل من خلال متابعتها للكثير من الحالات، بحسب قولها، إلى “الخوف، والاكتئاب والضغط النفسي، والتوتر، والفقر الشديد..” وكل ذلك تتعرض له الحوامل في المخيمات. وأضافت الدكتورة (قدرو): “الأسباب السابقة يُضاف إليها قلة الاهتمام بصحة الجنين وعدم اتباع غذاء صحي، ما يُعرِّض الحوامل إلى حالات مخاض وتقلصات رحمية شديدة، فيتم بذلك إسقاط الجنين.” وأردفت (قدور): “إن الصعوبة الأكبر حاليًا خاصة في المخيمات تتجلى في عدم إمكانية تأمين مكان للولادة أو صعوبة الوصول إلى مكان التوليد، ممَّا يزيد من فرص الخطورة على الأم والجنين ولحدوث الولادة في الطريق.”
وقد تراجعت الخدمات الطبية في الشمال السوري بشكل عام، إما بسبب استهداف المشافي والنقاط الطبية من قبل الطيران الروسي والنظام، أو توقف الدعم عن البعض الآخر، حيث خرج حوالي 70% من المنشآت الطبية لشدة القصف المتواتر عليها.
وفي ذات السياق صرّحت (آية القدري) مدربة برامج التغذية وقائدة فريق استجابة سريعة في منظمة أورينت أنه “لوحظ ازدياد حالات سوء التغذية لدى النسوة الحوامل في أول شهرين من العام الجاري بسبب النزوح واشتداد الفقر، لتصل نسبة النساء المصابات بسوء التغذية إلى 10%.”