بقلم : نور العليلا أدري من ذاك الذي اقتصر دور المرأة على المكوث في البيت والقيام بأعماله من طبخ وتنظيف وغسل ؟ لا أدري من ذاك الذي زجّ بها في أعماق الجهل رافضًا تعليمها ، يريد بقاءها في الجهل ؟إنّ أوّل اضطهاد عرفه التاريخ –كما يرى الفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه جارودي – هو اضطهاد النساء ، مما يجعل نسف الأسس التي يقوم عليها ذلك الاضطهاد خطوة ضرورية لنسف كلّ اضطهاد آخر.ومما لاشك فيه أنّ المرأة عانت أشكالًا شتّى من الظلم عبر التاريخ من قبل المجتمع ، وأكبر دليل على ذلك توصية الرسول عليه الصلاة والسلام بالنساء ، إذ راح يقول : استوصوا بالنساء خيرًا ، وفي خطبته الأخيرة أكدّ ضرورة الإحسان في معاملة النساء .والمجتمع الرجوليّ كان ومازال ينظر نظرة الاستخفاف بقدرات النساء ،سواء أكان على مستوى العائلة أم على المستوى الاجتماعيّ ، والغريب أنّ الذين ينظرون إليها بهذه الطريقة ليسوا من أصحاب الكفاءة ، إنّما هم قوم سيطر الجهل على ذواتهم ،و أعمى بصيرتهم قبل أبصارهم ، فاعتقدوا أنّ كلّ دورٍ تلعبه المرأة هو ناقصٌ يلزمه الكثير من التصحيح .لقد جهلوا القانون الربانيّ الذي أعطى المرأة دورًا في كثير من مجالات الحياة ، إذ كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يأخذ برأي زوجاتها الفاضلات في الكثير من الأمور.وإذا ما قرأنا التاريخ القديم نجد أنَّ هناك الكثير من النساء اشتهرن بالتفوق والريادة ، فخدمن أممًا وشعوبًا ،فصارت دولهن من أعظم الدول وأشهرها .امتزن برجاحة العقل ،وحسن التدبير ، والإدارة السليمة ، وبهذه الصفات وصل المجتمع إلى أعلى مستوياته .المرأة فرد من المجتمع ،تصنع تاريخًا بعطائها ، بتربيتها لأولادها ، ببذلها من دون كلل أو ملل ، تسعى دائمًا إلى سعادة كل طفل قد حزن ، تمسح دمعة كلّ عين قد بكت ، تكون سندًا لكل زوجٍ قد تعب .نحن لا نطالب بحقوق المرأة ،فالإسلام منحها حقوقًا كانت قد سلبت منها ،ولا نطالب بالمساواة أيضًا ، فدور المرأة يختلف عن دور الرجل نظرًا لاختلاف طبيعتهما ، فكلّ ما نريده هو تمكين دور المرأة من منظور إسلامي ، أيّ تحررها من العبوديّة لغير الله عزّ وجلّ ، والتأكيد على هويتها باعتبارها كائن إنسانيّ يعيش و يتعامل مع الآخرين فوق مقتضيات الإنسانية التي تتجاوز الطبيعة الذكرية والأنثوية ، والمجال مفتوحٌ على هذا النحو للمرأة والرجل في المجتمع الإنسانيّ .فإذا أراد المجتمع بناء نهضة وحضارة فعليه الانطلاق من قدرات المرأة والرجل ، ولكلّ واحد منهما دوره الذي يقوم به .المرأة تربي أطفالًا ، وتزرع قيمًا وأخلاقًا ، والرجل يعمّر الأرض .وفي ظلّ هذه الظروف التي نعايشها ، والآلام التي نكابدها أثبتت المرأة أنها قادرة على القيام بما أمرها الله به على أتمّ وجه .فهي الأم الحنون ،والزوجة المثالية الصالحة ،والمُدرسة الناصحة ..افتحوا لها المجال تجدوا أنها أبدعت وقادت أمما وبنت مجدا وحضارة ، وامتثلوا أمر رسولكم عليه الصلاة والسلام واستوصوا بالنساء خيرًا .