في ظل تصاعد الأعمال العسكرية في محافظة حلب أصدر الهلال الأحمر القطري بيانا رسميا أعرب فيه عن أسفه واستهجانه الشديدين للانتهاك الذي تتعرض له المنشآت الصحية في مختلف أنحاء محافظة حلب السورية، في ظل تصاعد وتيرة الأعمال العسكرية خلال الآونة الأخيرة وسقوط عشرات القتلى والجرحى وتهدم المنازل والمستشفيات، كما أطلق الهلال تدخلا إغاثيا بقيمة 200 ألف دولار أمريكي لتوفير الدعم الإنساني من مستلزمات طبية وغذاء ومحروقات بشكل عاجل.
وذكر البيان الصادر عن مقر الهلال الأحمر القطري بالدوحة: “إن الهلال الأحمر القطري، باعتباره منظمة إنسانية عضوا في الحركة الإنسانية الدولية وتنطلق في جميع أنشطتها من الإيمان بمبادئ الحركة من الإنسانية وعدم التحيز والحياد والاستقلالية والتطوعية والوحدة والعالمية، يرى أن هذه الأعمال تشكل خرقا واضحا للقانون الدولي الإنساني، وتهدد استمرار الأعمال الإنسانية في الداخل السوري، وتتنافى مع كافة المواثيق والأعراف الدولية التي تضمن حماية المنشآت والكوادر الطبية وهيئات الإغاثة الإنسانية في مناطق النزاعات”.
وإذ ينوه الهلال الأحمر القطري إلى أحكام المادة 3 المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 والبرتوكول الإضافي الثاني، التي تنص جميعها على جمع الجرحى والمرضى والعناية بهم، وكذلك أحكام القانون الدولي الإنساني الذي يتيح حماية خاصة للمستشفيات والوحدات الطبية والعاملين في مجال الرعاية الصحية، فإنه يدعو كافة الأطراف إلى الامتثال لهذه الأحكام والالتزام بواجبها القانوني والأخلاقي الذي يحتم عليها احترام وحماية الكوادر الطبية أثناء تأدية عملها الإنساني والطبي لصالح المدنيين المتضررين من النزاع.
برنامج إغاثي عاجل
وبالتوازي مع ذلك، فقد بادر الهلال الأحمر القطري إلى تخصيص ميزانية تبلغ 200 ألف دولار من صندوق الاستجابة للطوارئ لتنفيذ استجابة إنسانية عاجلة في مدينة حلب تشمل تقديم دعم طبي وإغاثي وتأمين مخزون استراتيجي من الوقود والمواد الغذائية الجافة، حيث تم بالفعل إنجاز جزء من الخطة ولا يزال العمل بها جاريا حتى هذه اللحظة.
وكان الهلال الأحمر القطري قد بدأ مطلع شهر أبريل الجاري في تشغيل مستوصف الصاخور داخل مدينة حلب، وهو يعتبر المنشأة الصحية الوحيدة في المنطقة ويقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية لصالح 100 ألف نسمة من سكان المنطقة وما حولها، حيث استقبل المركز منذ افتتاحه معدلا يتجاوز 100 مراجع يوميا، وتبلغ الميزانية التشغيلية للمركز حتى نهاية العام الجاري 185 ألف دولار.
أيضا قام الهلال الأحمر القطري بتقديم الدعم الطبي لمدينة حلب وريفها من خلال توفير كميات من أدوية الرعاية الصحية الأولية لمديرية الصحة كمخزون استراتيجي للطوارئ، وتزويد المستشفيات بالمستهلكات والسوائل الجراحية، وتسيير عيادة متنقلة من مركز عنجارة الطبي التابع للهلال الأحمر القطري لخدمة النازحين من ريف حلب الشمالي باتجاه ريف حلب الغربي، مع دعمها بالأدوية والمستهلكات الطبية لاستقبال ما يقارب 50 مريضا يوميا، وكذلك عيادة متنقلة أخرى من مركز باب السلامة الحدودي التابع للهلال الأحمر القطري أيضا لتقديم خدمات الرعاية الأولية والأدوية لصالح 50 مريضا يوميا من النازحين في مخيم الحرمين.
وقد سبق للهلال الأحمر القطري تزويد المجلس المحلي لمدينة حلب بستة صهاريج مياه تعمل حاليا على إيصال مياه الشرب داخل المدينة إلى ما يزيد عن 350 ألف نسمة، بميزانية إجمالية قدرها 250 ألف دولار، ويجري العمل حاليا على شراء خمسة صهاريج جديدة وإدخالها إلى المدينة لزيادة القدرة الاستيعابية والوصول إلى أكبر عدد من المناطق ضمن مشروع متكامل بميزانية 500 ألف دولار، وذلك بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فضلا عن تقديم 1,850 حزمة طبية و28 ألف لتر من الوقود ومواد لتعقيم مياه الشرب.
وأخيرا تقوم كوادر الهلال الأحمر القطري المتواجدة داخل مدينة حلب بالتحضير لإدخال مواد غذائية جافة وتخزينها لحالات الطوارئ، بميزانية قدرها 80 ألف دولار.
مشاريع طبية واسعة النطاق
وفي تصريح له، استنكر سعادة الأمين العام للهلال الأحمر القطري السيد صالح بن علي المهندي هذا الهجوم على منشآت طبية محايدة أثناء قيامها بواجبها الإنساني لصالح الفئات الضعيفة في المجتمع لا سيما النساء والأطفال والنازحين، منوها إلى أن الهلال الأحمر القطري يدير 13 منشأة طبية موزعة بين مناطق مختلفة بالداخل السوري، علاوة على ست عيادات متنقلة، ومشروع الصحة المجتمعية في إدلب، ومراقبة حملات التلقيح ضد شلل الأطفال والحصبة والحصبة الألمانية، وأربعة مشاريع للاستجابة الطارئة ودعم القطاع الطبي.
اعتداءات متكررة
يذكر أن العديد من المنشآت الطبية قد طالتها نيران القصف الحربي المكثف الذي تعرضت له محافظة حلب مؤخرا، ومن بينها مستشفى القدس في حي السكري، الذي تم استهدافه بالقصف مما أدى إلى دمار هائل أخرجه تماما من الخدمة، كما خلف وراءه وفقا لمنظمة أطباء بلا حدود ٥١ قتيلا وعشرات الجرحى، ومن بين الضحايا خمسة من العاملين بالمستشفى بينهم طبيبان هما الدكتور محمد وسيم معاذ (طبيب الأطفال الوحيد بالمدينة) والدكتور أحمد المحمد (طبيب أسنان).
وبعدها بيومين، تم استهداف وتدمير مركز الأوسوم الصحي في منطقة المرجة والمدعوم بالكامل من الأوتشا، حيث كان المركز يخدم أكثر من 1,800 مريض معظمهم من النساء والأطفال، في منطقة يزيد عدد قاطنيها عن 75,000 نسمة. وكان هذا هو نفس مصير مستوصف بستان القصر الذي أصيب اثنان من العاملين به، وكذلك مستشفى شوقي هلال في حي جب القبة الذي تشير المعلومات الأولية الواردة منه إلى سقوط عدد من الجرحى.
وفي نوفمبر من العام الماضي، أصدر الهلال الأحمر القطري بيانا مماثلا ندد فيه باستهداف مركز الرعاية الصحية الأولية الذي يديره في بلدة الزربة بريف حلب الجنوبي بدعم مشترك مع منظمة أطباء عبر القارات، مما أسفر عن أضرار مادية جسيمة دون وقوع خسائر بشرية في المركز، الذي كان يستقبل في المتوسط 3,200 مريض شهريا.
وفي أغسطس من عام 2014، أصدر الهلال الأحمر القطري بيانا آخر بعد الهجوم الذي تعرضت له مستشفى الطبقة في سوريا، مما أسفر عن استشهاد بعض أطبائه العاملين في المستشفى أثناء تأدية واجبهم الإنساني، وهو نفس ما حدث عام 2013 لأحد الأطباء المتطوعين مع الهلال الأحمر القطري، حيث استشهد وهو يغادر منزله في طريقه إلى الوحدة الطبية التي كان يعمل بها.