بقلم سها عاصيتصنِّف منظمة الصحة العالمية المرض تحت اسم وباء عندما يبلغ المرض خلال مدة زمنية معينة في مكان محدد نسبةً يصعب احتواؤها لو أهملت، لأنَّها آخذه بالاستفحال.وفي ضوء المعطيات على الأرض السورية، وبعد أربع سنوات من الكفاح السلمي والعسكري يتضح للمتبصر لهذا الواقع أنَّه يعيش آفة “الفرقة والاختلاف” وقد حصدنا نتائج ذلك في أكثر من واقعة وكما يقول المثل “المخفي أعظم”والمعروف شرعاً هو أنَّ الاعتصام بالله تعالى خلاص ومنجاة وحسن سبيل، غير أنَّه يجب أن يكون للاعتصام صبغة الجماعة فالبيان واضح “جميعاً”والخلاف هو أمر لا بدَّ من حدوثه، وهو طبيعة جُبلت عليها النفس الإنسانية، ولكن التعقيد وسوء الوعيد يكمُن في تمسكنا بالخلاف لدرجة تحوله لاختلاف مشحونٍ بالكره والبعد عن الآخر، وتنحسر مكانة المودة والتراحم ويتزعزع على إثر ذلك بنيان العزائم، وقد تستشري في نفوس البعض نار الحسد والضغينة كالنار في الهشيم قال الله تعالى: ” الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين “فالتفرق والاختلاف وغُرف الظلمة والكيد وخصوصاً التي تكون عن علم ويقين هي من أعتى خناجر الغدر ومن أوسع مداخل الشيطان لينال من تعاضدنا وتمسكنا بمبادئ ديننا الحنيف.وقد جمع الله تعالى الفرقة والاختلاف مع الكفر بعد الإيمان، ولكيلا نقع بما وقع به بنو إسرائيل، فقد حذرنا الله تعالى بقوله ” ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات أولئك لهم عذاب عظيم “إنَّ مشكلاتنا التي تربيها الأنا واتباع الهوى والتي تصبح ثقيلة على قلوبنا وصدورنا لا نطيق إزاحتها عن كاهلنا المثقل أصلاً، إنَّما هي من كيد شياطين الإنس التي عاثت في بلادنا خراباً، وشياطين الجن التي لا تستريح إلا بالنظر لدمائنا المراقة والإنصات لوساوسها في حقدنا وكرهنا لبعض وجعل الخلاف اختلاف وفرقة وتصويره كجبال وهو لا يتعدى كونه عهن منفوش بحقد المصالح والأنا اللئيمة.علينا أن نراجع أنفسنا كلما كنَّا على حق، فالإعجاب بالنفس يقودنا للأخسرين أعمالاً، كما أنَّ الإقصاء والتهميش هو خسارة للكل.ولأنَّ الوباء تزيد مناعته ويستعصي كلما استفحل وأُهمل علينا أن نزيل مسبباته من الآن قبل أن يضعف إيماننا ويفتك بجسدنا، فحذاري من تناسيه وتجاهله فآثاره أشد وطأة وألعن شدة ممَّا نحن فيه الآن.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا …. ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ”