عمار العلي |
تعرضت معظم البنى التحتية والمؤسسات المدنية للدمار والاستهداف المباشر منذ بداية الثورة السورية وحتى الآن، م حرم أغلب السوريين بسب الوضع القائم في المناطق المحررة من الرعاية الصحية، فضلًا عن ملاحقة الكوادر الصحية إلى جانب استهداف المشافي والنقاط الطبية.
وقد تدهور الوضع الطبي بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة بسبب الحملة الشرسة التي يقودها النظام والميليشيات الموالية له على مناطق إدلب وريفها، إذ تسببت الحملة في نزوح الآلاف من المدنيين نحو الحدود التركية، التي تقدر حسب منسقي استجابة سورية بما يقارب 388450 نسمة من مناطق ريف إدلب الجنوبي والشرقي، كما تسببت في خروج العديد من المشافي عن الخدمة وتحويل بعضها إلى الخدمة الإسعافية فقط بسبب تعرض تلك المناطق للقصف الشديد.
وقد تم تدمير معظم المنشآت الصحية ومنها (مركز سرمين) الذي خرج عن الخدمة بشكل كامل نتيجة القصف الجوي، وقد نشرت مديرية صحة إدلب تقريرًا قالت فيه: إن ما يقارب ٤٨ منشئة صحية تعرضت للقصف منذ بداية شهر نيسان ٢٠١٩ إلى اليوم منها ١١ مشفى ومركزًا صحيًا.
كما أدى النزوح الكبير غير المسبوق إلى خروج العديد من المشافي عن الخدمة، ما أدى إلى أزمة حقيقية، وكذلك عدم قدرة المشافي المتبقية على الاستيعاب وحصول تراكم للحالات وزحام شديد على المراكز الصحية والمشافي التي تكون عاجزة عن تلبية احتياجات كل هذه الأعداد الضخمة.
صحيفة حبر التقت الدكتور (فاروق كشكش) للحديث عن وضع القطاع الصحي الراهن، حيث أفادنا بقوله: “حصلت مشكلة كبيرة بسب ازدياد الأعداد وقلة المشافي وضعف الطاقة الاستيعابية في هذه المشافي.” واقترح حلولًا لفادي الأزمة بقوله: “إن الحل يكون في إيجاد أماكن أخرى، وإعادة تشغيل المشافي التي خرجت عن الخدمة، وبذلك تتوفر أسرّة وكوادر إضافية.”
إن الشمال السوري عامة يعاني من نقص حاد في الأدوية والمستهلكات الطبية والمستلزمات، حيث تعاني أغلب المشافي من انقطاع الدعم وخروج أغلب أقسامها عن الخدمة، وكذلك سبب ضعف الإمكانيات الطبية والضغط الكبير على المركز الصحية إلى مشكلة وهي عدم قدرة فرق الاستجابة الطارئة السيطرة على الوضع الصحي وعدم حصول معظم النازحين على أبسط الخدمات الصحية التي تعد إنذار خطر يهدد بانتشار الأمراض والأوبئة.
وللوقوف عند هذه النقطة التقينا الدكتور (عبد السلام الحسن) حيث قال عن الضغط الحاصل: “يُعدُّ الضغط الكبير على المشافي أمرًا خطيرًا يهدد بشكل خاص مرضى القصور الكلوي الذين هم بحاجة لأكثر من ٣ جلسات غسيل في الأسبوع، وازدياد عددهم بشكل كبير يجعل المشافي تقف عاجزة أمام هذه الأعداد.”
كما أضاف أن “المستشفيات والمراكز الصحية تعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات، كما أن نقص الخدمة الصحية بات يهدد الكثير من المخيمات العشوائية التي بنيت حديثًا بسب خروجها عن المخطط الذي وضعته المنظمات الصحية لتغطيتها طبيًا.”
وأردف الدكتور (عبد السلام) قائًلا: “انتشار المخيمات بشكل عشوائي يجعلنا عاجزين عن متابعة اللقاحات الضرورية، وهذا قد يؤدي بدوره إلى انتشار أوبئة وأمراض معدية. “
وكذلك توقفت بعض المشافي بسب انقطاع الدعم ونفاذ المخزون الدوائي، وفي لقاء لصحيفة حبر مع الصيدلي (أبو مصطفى) المسؤول عن صيدلية (آية الخيرية) أوضح قائلًا: “إن الكثير من القطاعات الصحية توقف عنها الدعم الدوائي والمالي بسبب الحملة العسكرية الحالية، والبعض منها أفرغ مثل الأورينت والرقابة الدوائية، وكذلك قللت المنظمات الداعمة من حجم الضخ المالي، كما توقفت المنظمة المشغلة لمشفى القدس في الدانا عن دعمه، إذ يعتبر المشفى الوحيد المجاني في المنطقة، كما تعتبر المنطقة ذات كثافة سكانية عالية، وإن توقف الدعم عنه يهدد الكثير من الناس بفقدان الرعاية الصحية الأولية والثانوية.”
ومما تقدم ذكره نرى أن تدهور الأوضاع الطبية قد يؤدي إلى كارثة إنسانية تهدد أكثر من مليون لاجئ، مما يحتم على المنظمات الصحية المحلية والعالمية العاملة في الشمال السوري وضع خطط لاحتواء هذه الأزمة.