عبد الله خضراويفي نهاية أغسطس 1945م كانت اليابان بكاملها خرابا! مليونان من القتلى، 40% من مساحة المدن أبيدت، نصف سكان المدن اختفوا، الصناعة قضي عليها، والزراعة أجدبت أراضيها. شعب منهك أنفق كل قواه وطاقاته في مجهود الحرب، أصبح شعبا لا يملك شيئا، لا ماديا ولا روحيا، شعب جائع، مذهول من شدة الهزيمة وضائع.اليابان جزيرة كبيرة، لا تحتوي البترول، أو الفحم، أو الحديد، أو الأورانيوم، أو الأراضي زراعية في ذلك الوقت، فقد دمر كل شيء، حتى بناهم الفكرية والاجتماعية دمرت.بعد الهزيمة والدمار والخراب الذي أصاب البلاد والناس في اليابان، اضطرت المتطلبات البدائية اللازمة للبقاء إلى أن يخترع كل شيء من لا شيء! فكانوا يعملون (لا كالبهائم) بل بتفكير مستمر، بل و بأقل الأسعار!اليابانيون لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه الآن إلا عندما وجد العقل الياباني نفسه! عندما استثمر الياباني المادة التي لا تنضب، ألا وهي الذكاء الإنساني. هل اليابانيون فقط هم من يملك الذكاء البشري؟ هل هم فقط من يحتكر هذا المورد الذي لا ينضب؟الإجابة هي لا، فنحن أيضا نملك هذا المنجم الثمين، وما أدل على ذلك إلا ما اخترعه وابتكره علماؤنا العرب الأولون. ليس هناك شيء اسمه ذكاء ياباني، إنما هو ذكاء إنساني. ولكن الشيء الذي يجب أن نعترف به هو أنهم انكبوا على استغلال هذا الذكاء الإنساني استغلالاً كاملاً .الأمر الآخر الذي استغله اليابانيون هو المعرفة والبحث الدائم والجماعي عن المعرفة لأنها هي المورد الثاني الذي يحل محل رأس المال!هل تعلمون يا سادة أنه عندما ينهي الطلاب اليابانيون دراستهم فإنهم لا يكونون أساسا قد اكتسبوا مجموعة معلومات، بل تعلموا كيف يتعلمون! حتى عندما يقرؤون في منازلهم يقرؤون ليناقشوا الآخرين فيما قرؤوه بعد ذلك.اليابانيون يجمعون المعلومات وبشكل مذهل جدا، فهم يستغلون كل الفرص للتعلم وجمع المعلومات وحتى لو لم يحتاجوها، فهم موقنون أنهم سيجدون ميزة في معرفتها فيما بعد!وبعد يا سادة … أترك التعليق على كل ما سبق للجميع. ولكن يبقى سؤال محير جدا وهو: ما الفرق بيننا وبينهم؟