يتردّدُ عددٌ كبيرٌ من السوريين للفحصِ والعلاجِ وشراءِ الأدوية عند الصيادلة، وذلك بسببِ الوضعِ الصحي المتردي في المناطقِ الخارجة عن سيطرة النظام السوري، الأمر الذي يجعل معظم الصيدلياتِ مزدحمةً لشراء الأدوية سواء بوصفة طبية أو بدون وصفة.
كلنا يعلم ويقتنع أنَّ الصيدلي هو شخصٌ مختص في “علم الأدوية” ولا يقتصرُ دوره على بيع وصرف الوصفاتِ الطبية من الأطباء المختصين وإرشادِ المرضى لاتّباع طرقٍ سليمة للاستخدام وتبيين الآثار الجانبية، إنما يمكنه علاج بعض الأمراض والآلام البسيطة وقياس الضغط والنبض والسكر، خاصةً إن كان يمارس مهنة الصيدلة منذ سنوات طويلة.
“لمياء.م” من أهالي مدينة إدلب قالت لــــ حبر عن إحدى الصيدلانيات في الحي الشمالي: “إنها صيدلانية بارعة وأفضل من ألف طبيب ولديها خبرة كبيرة في تشخيص كثير من الأمراض وخاصة أمراض الأطفال لقد اكتسبت خبرتها من دراستها وعملها منذ مدةٍ طويلة في هذا المجال وإن لم تستطع تشخيص المرض ترسل المريض لطبيب مختص”.
يتهافت المواطنون للعلاج في الصيدليات دون وصفة من الطبيب دون الاهتمام بتركيبة الدواء وتأثيراته والمهم هو الوصول للشفاء العاجل بكافة الطرق وذلك لأسباب متعددة أبرزها:
_ الفقر والوضع الصحي المتدهور وقصور الأنظمة الطبية وتعرّض المنشآت الصحية للقصف من قبل النظام وروسيا.
_ غياب و هجرة معظم الأطباء لخارج سوريا.
_ ازدحام المراكز الصحية وغياب وقلة الأطباء المتخصصين.
_ عدم وجود مراكز صحية قريبة في بعض المناطق النائية كقرى جبل السماق في شمال إدلب.
_ دواءٌ قليل الفعالية في المراكز الصحية، فــ “لمياء” وغيرها من المرضى لا يثقون بفعاليةِ الدواء الذي توزعه تلك المراكز خاصةً أن النشرة المرفقة معه مكتوبةٌ بلغةٍ أجنبية، حسب قولها.
_ الجهل والثقة العمياء بقدرة الصيدلي على إعطاء الدواء المناسب للمريض في كافة الحالات المرضية.
عندما يبيع الصيدلي شهادته لشخص لا يمتّ للمهنة بصلة لا من قريب ولا من بعيد.
منذ فترة ليست بالبعيدة وبعد رحلة طويلة لـــــ “أم محمود” 65 عامًا من إدلب تجولت خلالها بكلّ المراكز الصحية في المدينة بحثًا عن علاج لآلام المفاصل والظهر حطت رحالها في صيدلية الحي لعلّ “أبو أحمد” يجد لها علاجًا أو حتى مسكنًا لآلامها التي لم تجدِ وصفاتُ الطبيب بمداواتها، علمًا أنّ “أبو أحمد” ليس صيدلانيًا ولا يملك سوى الشهادة الثانوية لكنه اكتسب المصلحة من معلمه الصيدلي منذ بداية خروج المدينة عن سيطرة النظام دون النظر للأخطاء المهنية التي قد يقع بها.
يعتقد بعض المرضى أنّ كل من يبيع الدواء “صيدلاني” بارعٌ كالطبيب إلا أنه في الواقع قد يكون شخصًا لا يملك سوى مؤهلات علمية بسيطة كأن (يتقن اللغة الإنكليزية أو ممرضًا يعرف أسماء الأدوية) ويمارس الطب والتشخيص وإعطاء الوصفات للمرضى التي قد تؤثر سلبًا على صحتهم.
بهذا الصدد تحدث “د.علاء أحمدو” مسؤول قسم الرقابة في مديرية الصحة بإدلب لــــ حبر عن أهم الإجراءات التي اتخذتها المديرية بحق المخالفين:” أُغلقت مؤخرًا عدة صيدليات مخالفة لا يديرها صيدلاني في كل من إدلب وأريحا، كما وُجّهت إنذاراتٌ وتحذيراتٌ لباقي الصيدليات المخالفة في كل من سلقين وحارم وخان شيخون وقرى أخرى وفي حال عدم الاستجابة للإنذار الموجّه للصيدليات المخالفة ستُغلق أيضًا ، كما تقوم دائرة الرقابة الصحية بالتحقق من مصداقية الأوراق الثبوتية والشهادات التي حصل عليها الصيدلي بهدف حماية صحة المواطنين”.
دور الصيدلي في توعية المرضى
“سوسن السعيد” صيدلانية في مدينة إدلب أكدت لــــــــ حبر: أواجه بشكل يومي مرضى بحاجة للعلاج والدواء من فئات عمرية مختلفة، إلا أنني لا أستطيع معالجة كافة الحالات لذلك أطلب منهم مراجعة طبيب مختص وعدم استخدام الأدوية بدون وصفة فمهمتي الأساسية تقتصر على التوعية حول استخدام الأدوية والتأثيرات الجانبية لها والتفاعلات بينها وليس على تشخيص الأمراض”.
وردًا على سؤالٍ بخصوص الدواء الأكثر طلبًا في الصيدليات أجابت: “سوسن” أنَّ المضاد الحيوي” والمسكنات هما الأكثر استهلاكًا، لكنّ نوع الدواء المستهلك له علاقة بفصول العام فمثلًا في فصل الشتاء يكثر الإقبال على شراء أدوية الرشح والسعال ومضادات الالتهاب أما في الصيف فيزداد التركيز على أدوية التهابات الأمعاء”.
ونوهتِ “السعيد” أنَّ الأدوية التي يتم توزيعها في المراكز الصحية هي أدوية قليلة الفعالية وتاريخ انتهاء صلاحيتها قريب لذلك يلجأ معظم المرضى لشراء الأدوية محلية الصنع”.
صحيح أنَّ للطب والصيدلة علاقة وطيدة لكن على الناس أن تعلم أن الصيدلي ليس طبيبًا والطبيب ليس صيدلانيًا وكلاهما يعملان على تقديم العلاج للمرضى والعناية بهم، لذلك لابد من نشر التوعية حول الثقافة العلاجية لأنها جزءٌ لا يتجزأ من النظام الصحي وهذه هي مسؤولية الطبيب والصيدلي معًا.