علي تباب |
واصلت الليرة السورية انهيارها أمام العملات الأجنبية محطمة رقماً قياسياً جديداً منذ استقلال البلاد، إذ تخطى حاجز الـ 700 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، في هبوط خالف وعوداً كان قد أطلقها قطاع الأعمال لدى نظام الأسد الذي أطلق مبادرة لتأسيس صندوق خاص لدعم العملة، حافظت بعده على سعر صرف عند حد الـ600 ليرة لثلاثة أسابيع، ما لبثت أن انهارت بعدها العملة، وسط أحاديث عن توقف المبادرة بشكل غير معلن.
وتعددت التحليلات التي سببت رفع الدولار، بين من أرجعها إلى العقوبات الاقتصادية الأمريكية على نظام الأسد وتصريحات (جويل رايبورن) المبعوث الخاص لسورية، الذي تعهد بمواصلة العقوبات بالتعاون مع الطرف الأوروبي، وبين من أرجعها لزيادة الطلب على القطع الأجنبي بلبنان، التي تعد سوقاً أساسياً للدولار بالنسبة إلى المستوردين السوريين اللذين يستخدمون النظام المصرفي اللبناني لعملاتهم التجارية.
ويوضح (أحمد السخني) أحد العاملين في مجال الصرف النقدي بالشمال المحرر، أن السبب الذي يراه لارتفاع الدولار هو استجلاب الأسد بتصرفاته للحرب الاقتصادية عليه وعلى البلد، وممارسته مؤخراً لسياسة السلب، حتى على تجار نظامه كرامي مخلوف، في وقت يسعى الكثير من رجال أعمال نظامه لتهريب قطعهم الأجنبي إلى خارج البلاد.
الدولار أثقل كاهل الناس:
انخفاض سعر الصرف ألقى بظلاله على حياة السوريين، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد، أم تلك الخارجة عنه.
(وائل الحافظ) أحد تجار المواد الغذائية بريف إدلب بيّن أنّ: “ارتفاع الدولار أثَّر على الشاري والبائع على السواء، فالتاجر ارتفعت عليه سعر التكلفة، فيما ارتفع سعر السلعة على المشتري، ما تسبب بشبه جمود في الحركة التجارية” وأضاف: “الحرب على الشعب الآن حرب اقتصاد، والمشكلة أن من يملك نقوده بالعملة السورية، يرى أن ماله يفقد قيمته وهو بين يديه”.
و يصف (أبو أحمد الحلبي) ارتفاع الدولار بالجنوني، مبيناً أنهم عمال يتقاضون أجرهم بالليرة السورية، وحينما يريدون شراء أي شيء يقول لهم البائع ارتفع الدولار، يقول أبو أحمد: “ما علاقتي بالدولار وأنا الذي لا أتقاضى راتبي به لأدفع ثمن الأشياء به؟ “.
أما راما علي ( اسم مستعار ) القاطنة في دمشق، فتصف الحال قائلة: “جميعنا مضغوطون ومرهقون، الأوضاع المعيشية باتت صعبة، وارتفاع الدولار لا يرحم أحد، لقد أمضيت الكثير من الوقت وأنا أقنن قائمة مشترياتي هذا الشهر، لعل راتبي الذي أتقاضاه بالليرة السورية يكفيني لأساسيات الحياة، أساسياتٌ بتنا نتنازل عن الكثير منها في ظل هذه الضائقة، ومع كل الأسف لا حل يُرتجى في المدى المنظور. حتى التجار الصغار ربما يعذرون بعض الشيء برفع أسعارهم، لكن يجب عليهم أيضاً أن يراعوا ظروف الناس، ويخففوا من أرباحهم، وهم اللذين إذا رفعوا سعر سلعة بحجة الدولار، لم يخفضوا سعرها إذا انخفض “.
ما هو الحل ؟
يبيّن (أبو اليسر دعاس) عضو نقابة الاقتصاديين الأحرار في تصريح خاص، أن نظام الأسد ينهار اقتصاديًا، وأن الحل يكمن بالتخلي عن عملته، موضحاً أن هذا الحل تمّ طرحه من قبل النقابة عام 2015 لمَّا كان سعر الدولار 500 ليرة. وقال دعاس: ” لا بدّ من تحويل المدخرات إلى الذهب أو الدولار، ولا بدّ أن يكون التداول بالعملة التركية، ففيها قطع نقدية صغيرة كالنصف ليرة والربع ليرة، واستقرارها أفضل من الليرة السورية، وتركيا بلد جار، وأغلب موظفي الشرطة والأوقاف والتربية والصحة بمناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام يتقاضون راتبهم بالقطع التركي”.
وأما بالنسبة إلى سعر صرف الليرة السورية مقابل اليورو في السوق الموازية خلال تعاملات هذا الأسبوع، فقد انخفض سعر صرف الليرة السورية في نهاية هذا الأسبوع إلى مستوى 738 ليرة مقابل اليورو الواحد، وذلك مقارنة مع مستوى 718 ليرة سورية المسجل في نهاية الأسبوع السابق، وبما نسبته 2.79%.